Al Jazirah NewsPaper Friday  06/11/2009 G Issue 13553
الجمعة 18 ذو القعدة 1430   العدد  13553
سحر العلاقات
السر في جوهر الإنصات؟

 

إن أول درجات ارتقاء الروح وجمالها وجاذبيتها بقربها من الأرواح الأخرى هو تحليها بخلق الإنصات العميق..وعدم تفرد الشخص بالحديث مهما بلغت بلاغته وفصاحته لأن الإنصات له جاذبية وحاجة لدى جميع البشر على اختلاف توجهاتهم وأعمارهم فالإنصات هو التركيز العميق فيما يقوله المتحدث وسط خضوع تام لجميع الجوارح فكون الإنسان ينصت للآخر فهو بذلك يبني جسرا قلبيا له فكل بني آدم لديهم رغبة في الحديث للآخرين والحصول على اهتمامهم ومشاركتهم الصادقة فعندما نقدم ونتعامل بالإنصات لشخص ما, فإننا نساهم في توصيل رسالة قيمة إليه مفادها: (أنا أنصت إليك..أنا احترم ما تقوله وأقدره وأحاول جاهدا أن أستفيد منه وأتفهم توجهك وتصرفك...).

ومن تنعدم فيهم صفة الإنصات وتغلب ألسنتهم الثرثرة والرغبة في الإيثار بالكلام والتحدث عن الذات يكلفهم ذلك الكثير من السقطات والجفاء والزيادة في الجهل وعدم الاستفادة من خبرات الآخرين وتجاربهم مهما كانت بسيطة فالإنصات يزود المنصت بمعلومات كثيرة فكلما زاد إنصاته زادت معرفته وحكمته وبالتالي حاجة الناس إليه والأنس بوجوده والاستفادة من علمه ,ولكي تدرك ذلك عليك أن تتوقف الآن عن قراءة هذه الأحرف... وتتفكر وتبحث في ذاكرتك عن أكثر الأشخاص المحبوبون لديك؟.. تأمل في صفاتهم ؟ وحتما وبلا أدنى ريب ستكون صفة الإنصات سلوكا ومنهجا لهم في جل تعاملاتهم مع الآخرين وأنت منهم , فا لمنصت أينما ذهب وارتحل مرحب بمقدمه فهو يحمل رصيدا ثريا وفيرا خاليا من الصدمات أو الأحقاد لاحترامه أحاديث الآخرين واهتمامه بها وتقبله لها مهما كانت تختلف عن رأيه وبذلك ستقل أخطاء لسانه.ولعلك في ثنايا قراءتك لهذه السطور أدركت قيمة الإنصات الجيد حينما قدمت لك ذاكرتك نماذج حية تعتز بمعرفتها وترغب بأن تكون مثلها.. ولذا عليك أن تبدأ خطواتك الأولى نحو الإنصات لكيلا تضيع على نفسك حياة حافلة بالعلاقات الرائعة والودودة اقنع نفسَك بأن الآخرين عندهم ما يقولونه.. وأن كلامهم قد يحتوي على فوائد جمة وإذا لم تقنع نفسك بذلك فلن تكن لك الرغبة في الإنصات , فما كان الإنصات خلق إنسان ما ,إلا نال محبة الآخرين في كل الأرجاء وحفظ له سجلا حافلا من الخيرات في الدنيا والآخرة بإذن الله , يقول أحد الحكماء:

إذا جالست الجهال فأنصت لهم, وإذا جالست العلماء فأنصت لهم.فإن في إنصاتك للجهال زيادة في الحلم وإن إنصاتك للعلماء زيادة في العلم.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد