الإصلاح كلمة طيبة جميلة ذات مدلول جيد ونبيل، اتخذتها المديرية العامة للسجون في المملكة شعاراً لنشرتها الدورية الصادرة من الشؤون العامة، كما هي شعار عملي، وواقع فعلي لما تقوم به المديرية، ولا أدري أأتحدث عن المجلة، أم عن المديرية، ولكني أود الحديث عن المجلة، لاطلاعي على أعداد كبيرة منها، وهي - بإذن الله - مرآة صادقة للمديرية التي أجهل عنها الكثير، مما لا يخولني الحديث عنها ثناءً أم نقداً.
هذه المجلة التي تصلني بانتظام، تحظى من وقتي واهتمامي بالشيء الكبير والكثير، ومرد ذلك لأمرين: أولهما اهتمامي بالجوانب الإنسانية للسجناء والسجينات، والأمر الآخر ما أجده في المجلة من موضوعات جيدة، وإخراج أنيق يفوق العديد من المجلات المتخصصة.
وخلال تصفحي لأعداد المجلة تسنى لي معرفة بعض برامج المديرية العامة للسجون، وما يحظى به السجناء من عناية ورعاية واهتمام، تجعل من السجون محاضن تربوية للإصلاح، وليست نزلاً للعقاب، وأبرز هذه البرامج، ما نسمعه ونقرؤه عن إسلام العديد من السجناء غير المسلمين، ودخولهم في الإسلام، وحفظ عدد من السجناء لكتاب الله الكريم أو أجزاء منه، إلى جانب الدورات التدريبية والتأهيلية للسجناء، والدورات التوعوية، وقد شارك إلى جانب المشرفين على السجون، كبار العلماء، والدعاة، والأطباء، وغيرهم من رجال الثقافة، والإعلام، والتربية، ولعل مما ورد في العدد الأخير الذي قرأته ندوة لمعالي الشيخ صالح بن محمد اللحيدان في سجن الملز بالرياض، وندوة مماثلة لأستاذ في كلية الطب بجامعة الملك فيصل بالأحساء في سجن الأحساء، ومشاركة أخرى لوزارة التربية والتعليم بمنطقة جازان في سجون جازان، وتخرج 48 نزيلاً في دورات مهنية بالتعاون مع المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني بالمدينة المنورة.
ومن الجوانب المهمة والمضيئة، ما أثمرت عنه المراكز الصيفية في السجون والإصلاحيات، ووفقاً لما نُشر في المجلة، فقد أشهر (486) سجيناً من داخل السجون إسلامهم عقب انخراطهم في برامج توعوية إرشادية، فيما بلغ عدد الملتحقين في حلقات تحفيظ القرآن الكريم داخل السجون تسعة آلاف وخمسمئة وعشرين سجيناً، بينهم خمسة آلاف وثلاثمئة وسبعة عشر سجيناً سعودياً، والمتبقي من غير السعوديين.
لقد شخص أحد العاملين في السجون العمل لديهم بأنه يشبه تماماً عمل الأطباء في المستشفيات، قائلاً: (إذا كان الأطباء يعالجون الأمراض العضوية، فإننا كعاملين في قطاع السجون نعالج الأمراض السلوكية لدى هؤلاء السجناء)، وهذا هو أفضل توصيف لهذا العمل.
ولي وقفة أخرى مع الجهود الطيبة التي تقوم بها المديرية العامة للسجون حينما أتمكن - بإذن الله - من الاطلاع عن كثب على جهودهم، فالشكر للمديرية، والشكر للقائمين على المجلة.
خاتمة:
أتمنى من المديرية العامة للسجون ألا تقتصر جهودهم على العمل الإصلاحي مع السجناء، وإنما تكوين وحدة أو قسم لدراسة أحوال ومسببات دخول السجناء للسجن، عن طريق متخصصين في العلوم الاجتماعية، والتربوية، والأمنية، والشرعية، والعمل على تلافي ذلك مستقبلاً، وخصوصاً حينما يكون السبب متعدداً، ويشكل ظاهرة، وتلافي الجرائم والمشاكل قبل وقوعها، والوقاية خيرٌ من العلاج.
alomari1420@yahoo.com