وكأننا شعب عربي بلا ذاكرة تحاول هيلاري كلينتون ومبعوث الرئيس أوباما للمنطقة جورج ميتشل يحاول هذان المسؤولان الأمريكيان أن يقنعانا بأن زياراتهما هذه والجولات المكوكية ستحقق السلام العادل للمنطقة، وتعيد للفلسطينيين حقوقهم، وأرضهم وترفع الحصار عنهم، وتوقف الاعتداءات الإسرائيلية التي وصلت إلى تشريد العوائل الفلسطينية وطرد سكانها بعد هدم منازلهم، كما حصل في حي الجراح في مدينة القدس.
تتنقل كلينتون في الأراضي العربية محاولة إقناع الفلسطينيين بالانخراط في مفاوضات غير مجدية دون الاعتراض على استمرار بناء المستوطنات والتهام الأراضي الفلسطينية بزرعها بمساكن لليهود المستقدمين من وراء البحار.
لا أحد في المنطقة، من رؤساء أو وزراء ولا مواطنين عاديين يتوقعون من زيارات كلينتون والمبعوثين الأمريكيين أي فائدة ترجى، ولا ينتظرون إلا مزيداً من الإملاءات الأمريكية على الفلسطينيين كالطلب الأمريكي الأخير من الفلسطينيين باستئناف التفاوض مع الجانب الإسرائيلي دون وقف بناء المستوطنات. وأن الأمريكيين، وعلى الرغم من إقرارهم بأن الاستيطان غير مقبول وغير مشروع، إلا أنهم يتفهمون بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي بنيامين نتينياهو لا يستطيع قانونياً أن يتراجع عن تراخيص منحت لبناء المستوطنات قبل تسلمه رئاسة الحكومة. والغريب أن الأمريكيين يتفهموم تنفيذ عقود موقعة لتنفيذ بناء مساكن غير شرعية، وأن الحكومة الإسرائيلية لا تستطيع اعتراض إنشاء المستوطنات لأن القانون يمنع ذلك.. وهذا ما دفع الأمريكيين إلى تفهم هذا الموقف، وجعلت كلينتون تطلب من الفلسطينيين الدخول للمفاوضات ملبين كل طلبات الإسرائيليين، على الرغم من أن هذه الحكومة الإسرائيلية ومن قبلها الحكومات السابقة لم تنفذ أي قانون أو قرار دولي واحد؛ بدءاً من القرار 194 مروراً بالقرار 242 الذي يلزمها بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة عام 1967م.
وهكذا، فإن أقوال كلينتون ومطالبها للعرب والفلسطينيين بالعودة إلى طاولة المفاوضات مع استمرار بناء المستوطنات تكشف أن الأمريكيين قد بدأوا فعلاً خطوة التراجع عن وعود الرئيس أوباما بوقف مبدأ الاستيطان، وأن أجندة إنشاء الدولة الفلسطينية لم تحظ بالأولوية لدى الرئيس المشغول بالملف النووي الإيراني، وأن زيارات جورج ميتشل الذي تعززه الآن جولة كلينتون تهدف إلى إقناعنا عرباً وفلسطينيين بعدم جدوى التمسك بمبدأ وقف إنشاء المستوطنات، وكأننا بلا ذاكرة ولا نحفظ أقوال أوباما ومبعوثيه.