الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) يُحذِّر مسؤولي الرياضة في مصر، من أن يتعرض الفريق الجزائري أثناء مباراة قادمة مع الفريق المصري لأي أذى، وهذا التحذير مبني على خلفية تصعيد إعلامي بين الفريقين واتهامات ونعوت وتنابز بين الأطراف، قد لا نستغربها من جماهير المدرجات والحماس الجامح اللا عقلاني الذي يطوّق هذه اللعبة.
أيضا المرشد الأعلى للثورة الإيرانية يُحذِّر السعودية من تعرُّض الحجاج الإيرانيين إلى أي أذى أثناء أدائهم شعائر الحج!
فإذا عرفنا المدرجات التي ينطلق منها قرار الفيفا، فيحق لنا هنا أن نتساءل حول الأرضية التي ينبثق عنها تحذير خامنئي في موسم روحاني مقدس لا يتحقق إلا بشرطه الرباني حيث لا رفث ولا جدال ولا فسوق .
في الوقت الحاضر تعاني إيران من أزمة داخلية كبرى، بل هي الأكبر من نوعها منذ قيام الثورة الإيرانية، بحيث إنها تكاد أن تقوِّض أركان النظام تحت إصرار فريق الإصلاح والمسيرة الخضراء على التغيير، يُقابل هذا ضغط دولي خارجي يتعلق بالمشروع النووي الإيراني وعن إمكانية تهديده لدول المنطقة.
أمام هذا كله تلجأ الكثير من الأنظمة القمعية الاستبدادية إلى التخلص من أزمتها الداخلية عبر فتح جبهات خارجية من الممكن أن تشتت انتباه المعارضة الداخلية الشعبية العارمة، وتسحب الانتباه إلى الخارج كتنفيس عن احتقان الداخل.
فمن خلال توسل الأسلوب الكلاسيكي الذي قامت عليه الثورة بتصديرها إلى الخارج هرع النظام الإيراني إلى إشعال عدد من بؤر التوتر في محيطه الحيوي، فإيران تطبق بفكيها على جنوب العراق، وهناك قضية الحوثيين في اليمن والتمويل السخي لها من قبل النظام الإيراني، إضافة إلى أن حزب الله في لبنان شاغب الحدود الإسرائيلية الأسبوع الماضي ببعض صواريخ الكاتيوشا المجهولة المصدر، في مصر ما زال التحقيق قائماً مع خلية حزب الله السرية، إضافة إلى بعض الملفات الكامنة في الخليج كقضية الجزر الإماراتية، واستقلالية البحرين، والتي تعاود إيران فتحها عند الحاجة.
يستثمر النظام الإيراني التقاطعات المذهبية في المنطقة، والاختلافات مع من يطلقون عليهم (النواصب) بهدف تجييش الرأي الشعبي لخلق احتقان مذهبي يستطيع من خلاله الخروج من أزماته الداخلية والخارجية، حيث يمثل ذلك طوق النجاة الذي يحمي النظام من غموض الموقف الذي يطوِّقه.. لكن أن تصبح الشعائر المقدسة ميداناً للمناورات السياسية الإيرانية، فهذا الأمر الذي سيقف ضده كل مسلمي الأرض، حيث لن يسمحوا لأفراد الحرس الجمهوري بتدنيس المشاعر بشعاراتهم وخطبهم ومناوراتهم السياسية في شعيرة روحانية تتسامى على الدنيوي والسياسي، الحج هو موضع عبادة قدسي وليس محفلاً سياسياً أو مدرجاً لجماهير كرة القدم، ونعلق آمالنا في هذا على الوعي وسعة الرؤية لدى صنَّاع الرأي في العالم الإسلامي للتصدي لهذا الأمر، وعلى رأسهم إخواننا المسلمون في إيران الذين رفضوا ويرفضون هذا النظام، وتوجهاته التدميرية في المنطقة.