في مقالة جميلة كاسمه، كتب الزميل جميل الذيابي في الزميلة الحياة يوم الثلاثاء الماضي، عن (المنافحين عن الصحافة السعودية)، وكان يتناول بها بعض الزملاء الذين رفعوا راية (التخطئة السريعة) بحق تقرير منظمة مراسلون بلا حدود، الذي وضع حرية الصحافة في بلادهم في مرتبة متأخرة، وقال الزميل الذيابي كأنّ بلادنا هي الوحيدة في المنطقة التي جاءت في ترتيب متأخر، ومع أنّ الزميل لا يشك إطلاقاً بأنّ (المؤشرات المستقبلية للصحافة السعودية، تبدو أكثر إيجابية - عما مضى - ويدلل على ذلك بأنّ كتّاب الرأي مثلاً أصبحوا يتنفسون في مقالاتهم بلا ضيق، وباتوا يكتبون وينتقدون بحرية واضحة تفتقدها بلدان كثيرة، وذلك منذ أن تولّى الملك عبد الله الحكم، والذي كان يكرر دوماً للصحافيين: اكتبوا وانقدوا، لكن عليكم بتحرّي الحقيقة والصدقية والموضوعية وعليكم بالأمانة في كل ما تكتبون).
* * *
بالطبع كل ما قاله الزميل الذيابي صحيح، فإذا ما نظرنا إلى صحافتنا، بالمقارنة بالصحف العربية، فسنجدها الأفضل، وذلك لأنّ الصحف المحكومة بفكر الأحزاب أو التجمعات السياسية، لا يمكنها أن تحيد قيد أنمله عن خط وفكر وديكتاتورية الحزب، والصحف المحكومة بسياسة الحكومات، لا يمكنها أن تحيد قيد أنملة عن خط وفكر سياسة الدولة التي تصدر منها و(عنها)، ولكن النمطين من الصحف يخضعان إلى قانون رقابة صارم تفرضه وزارة الإعلام الرسمية على جميع المطبوعات. كما أنّ المحاكم مفتوحة الأبواب للشكايات على الصحفيين والصحف، إذا ما تجاوزت الحدّ (السياسي والديني والأخلاقي) في أكثر دول العالم ديمقراطية، وبمناسبة الديمقراطية وتحت قميصها الفضفاض، تنسّل الصحف (الأجيرة) التي لا تخدم أوطانها، بل تخدم من يدفع أكثر!!! وهذه والحمد لله تخلو منها صحافتنا كلياً، كما أنّ الثالوث المحرم في الإعلام - أجمالاً: (السياسة والدين والجنس) - تخضع لها سائر الصحف في أغلب دول العالم، مضافاً إليه في بلادنا العادات والتقاليد والأعراف والتي يعتبرها ذريعة ل (فرملة) عجلة الحرية - عند بعض من لا يدافعون عنها - حقيقة - بل المستفيدون قصداً - من التأويل والتحريض والتشكيك، من أجل إيقافها كلياً - أي العجلة - حتى يأكلها الصدأ، في الوقت الذي تدفعها الحكومة للأمام وهؤلاء يريدون دفعها للخلف!!!