قبل الثورة الخمينية كان المسلمون جميعاً لا يشعرون بالعداء بين طوائفهم وبين أتباع المذاهب؛ ففي الدول الإسلامية الأكثر عنفاً الآن - العراق، وباكستان، ولبنان -، كان أبناء الطوائف الإسلامية يعيشون في وئام وتفاهم بل كانت أكثر الأسر تضم زوجاً أو زوجة من مذهب آخر، وحتى ظهور الخميني لم يكن أحد يعرف جليسه في الفصل أو العمل هل هو سُني أو شيعي؛ ليتحول بعد ذلك هذا التناغم في المجتمع إلى عداء سافر وحرب بين أبناء الطوائف إلى درجة القتل على الهوية.
وتعرض أهل السُنة في العراق إلى تصفية وإبادة تكفلت بها مليشيات كانت تشكل أذرعاً عسكرية لأحزاب طائفية شكلت مع بسط الاحتلال الأمريكي هيمنته على العراق. وقد دفع استهداف أهل السنة في العراق وحملات الإبادة الجماعية، جماعات مضادة إلى القيام بعمليات انتقامية استهدفت الشيعة في العراق، وتعرضت الحسينات والمواكب الشيعية إلى التفجير؛ مما تسبب في مقتل المئات.
وفي لبنان استقوى حزب الله لمليشياته وأسلحته التي تضم ترسانة من الصواريخ والقذائف، وبدلاً من أن توجه هذه الأسلحة إلى إسرائيل وجهها إلى بيروت، واضطهد أهل السنة الذين لا يزالون متوجسين من سلاح حزب الله.
أما في باكستان فقد كان السُنة والشيعة يعيشون متجاورين، ولا أحد يشعر بوجود خلاف بينهما، وفجأة اندلعت المشاكل ثم الاشتباكات؛ فلا يمر أسبوع إلا ويقتل عدد من إحدى الطائفتين.
وفي أماكن عدة تفجرت الكثير من الصدامات والخلافات بل حتى الحروب وليس بين السنة والشيعة، بل الشيعة ومذاهب أخرى كالذي حصل بين الشيعة والمذهب الزيدي في صعدة.
أسباب هذا الاقتتال والتناحر والشك المتبادل بين الشيعة وبقية أتباع المذاهب الإسلامية، وخصوصاً أهل السُنة، يعود - كما أرجعه المحللون والباحثون - إلى التحريض اليومي والعمل الذي تقوم به فرق الاستخبارات وعناصر نشر التشيع الصفوي التي استطاعت أن تخترق العديد من المجتمعات العربية. وقد تأثر العديد من هذه المجتمعات بما تبثه المحطات الفضائية التي تدور في فلك النظام الصفوي في إيران، كما أدت النشرات التحريضية التي يوزعها رجال المخابرات وخلايا الصفويين المبثوثة في دول الخليج العربية على رفع درجة الشك بين السُنة والشيعة معاً؛ فقد أدى التحريض اليومي الإذاعي والتلفازي الذي يوزع على الأشرطة، إلى حالة احتقان بين أوساط الشيعة؛ مما دفع بعضهم إلى ارتكاب تجاوزات، وهو ما زاد من حالة الشك، حتى في ولائهم إلى الوطن الذي يتشرفون بحمل جنسيته.
وقد تخوف المفكر الشيعي العراقي حسن العلوي من هذه الحالة، وحذر أبناء مذهبه من صنع حالة استعداء ضدهم في محيط سني، ليس في دول الخليج العربي، بل في كل أنحاء العالم.
أما أحد الصحفيين البحرينيين، وهو من أتباع المذهب الجعفري، فيقول: أستغرب هذا الصمت من مراجعنا في الخليج العربي عن تحريض مراجع إيران، سواء في طهران أو قم أو حتى من التابعين لهم في العراق؛ فعلينا نحن الشيعة العرب أن نتصدى لعدوان النظام الإيراني وكل من يسيء إلى بلداننا في الخليج العربي؛ لأننا بكل المقايس نعيش كمواطنين لنا كل الحقوق.. ومن واجبنا أن نرد كيد أعداء بلدنا الذين تفضحهم أقوالهم وأعمالهم معاً.
jaser@al-jazirah.com.sa