Al Jazirah NewsPaper Thursday  05/11/2009 G Issue 13552
الخميس 17 ذو القعدة 1430   العدد  13552
العرب الغاربة: مداخلات لغوية
أبو أوس الشمسان

 

لست تملك أن تدفع الإحساس بالحزن والإحباط وأنت تقرأ حال العرب اليوم كما وصفه أستاذنا الدكتور أحمد بن محمد الضبيب في مقاله: (النشر والقراءة في زمن العرب المستغربة) في صحيفة الجزيرة ذات العدد 13541والتاريخ 6 من ذي القعدة 1430هـ، نبه أستاذنا إلى خطر المغالاة بتقديم اللغة الأجنبية في العمل والتعليم وكيف أن العرب بدع من بين الأمم كلها وتساءل: (هل نجد لدى هذه الدول تهويلا وتضخيمًا لأهمية اللغة الإنجليزية في الحياة؟ أم هم يتعاملون معها على أنها لغة مطلوبة في بعض حالات الاتصال مع الآخرين فلا يفرضونها على جميع المواطنين، ولا يعلقون لقمة عيش كل مواطن بها، فهي لا تشكل هاجسًا ضخمًا في حياتهم كما هي الحال عندنا؟)، كلا فالأمم الأخرى تحافظ على لغاتها، ولم يمنعها هذا من التقدم الحضاري أو التقني بل تفوقت فيه كل التفوق، واستنكر أن نلوم العرب في قلة قراءتها أو ترجمتها أو نشرها ونحن نسعى إلى تغريب أبنائنا بحملهم على تعلم الإنجليزية وتضخيم أهميتها تضخيمًا لا مسوغ له، وسأل ما الغرض من لوم العرب في قراءتها ما دمنا لا نقيم للعربية وزنًا ولا نضعها موضعها الذي تستحق، وأستاذنا لا يشغله شيء كخوفه على العربية وتنحيتها، ولذا تجده يواصل الكتابة في هذه المسألة وإلقاء المحاضرات والتعليقات والبحوث. والحقيقة الصارخة أن الخطر عظيم والخطب جلل؛ إذ نحس أنا أسرى للغة الأجنبية فهي الممسكة بعصب العمل في بلادنا، وهي المسيطرة على التعليم في جامعاتنا، والأدهى من ذلك أن الجيل الحاضر صار يتكلم ويكتب بلغة غريبة لا هي الإنجليزية الخالصة ولا العربية الخالصة، بل تسمع جملا عربية مرقعة بكلمات إنجليزية، وصارت كتابتهم بما يسمى العربيزي، وهو كتابة العربية بالأحرف اللاتينية، وكان هذا ما دعا إليه نفر من الناس منهم عبد العزيز فهمي الذي استثار الناس في ذلك الوقت فجوبه بعاصفة من ردود الفعل وأميت اقتراحه، ولكن أبناءنا يحققون اقتراحه بطواعية. إن الخطر الذي تواجهه العربية مسؤولية قومية ليست خاصة بأحد دون أحد، فالمسؤول عن التربية معني بها والمعلم معني بها والأسرة معنية بها، ورجل الأعمال معني بها، والحاكم خصيصا معني بها. وليس يمكن دفع هذا الخطر ما لم تجبر حركة العمل في البلاد على جعل اللغة المستعملة العربية، وما لم يشترط لاستقدام العامل معرفته العربية، وما لم تعلم العلوم في جامعاتنا بالعربية. كنا في أندونيسا مشتركين في مؤتمر (اللغة العربية من المنظور الثقافي والاجتماعي) وكان من بين أسئلة أحد أبناء أندونيسيا: كيف نجعل العربية لغة العالم كله؟ بقدر فرحي بهذه الحماسة الصادقة للعربية لحبه لها ورغبته فيها كان حزني وأنا أجد ازورار العرب عن لغتهم وتشبثهم الغريب بالانجليزية من غير مسوغ حتى صار صاحب المكتب العقاري يشترط في التوظيف إتقان اللغة الإنجليزية. وإني لأخشى خشية أستاذي إن استمر الحال على هذا المنوال أن يقال بحقنا العرب الغاربة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد