المرض كلمة مرعبة، وحالة مفزعة، آلام وأسقام، أوجاع وأحزان، سهر وأنين، شوق وحنين، وتزداد المعاناة حين تُفقد الثقة بالطبيب، ويتناقلُ الناس سوء الحال، ويرى الزائر تردِّي الخدمات، ويكون المكان الذي يُفترض فيه أن يكون ملائماً لتلقِّي العلاج والرعاية والاهتمام هو بذاته جالباً للكآبة وموطناً للأمراض، وحتى نكون عمليين أكثر، ولكي لا يغلب التنظير على التأطير، ومن أجل ألاّ نتراشق الاتهامات، ويضيع الرجاء في وسط تراكمات الأوراق والتساؤلات، ويُفقد الأمل في خضم البيروقراطية القاتلة، حتى لا يكون لا هذا ولا ذاك، هذه دعوة ليست شخصية ولا هي تشريفية ولا حتى كرماً، وإنما هي بإيجاز دعوة عمل جماعية يرفعها أهالي منطقة حائل لصاحبيْ المعالي وزير المالية الموقر الذي يُشهد له بالحرص والمواطنة والإخلاص، ووزير الصحة العزيز الذي عُرف عنه الفصل، ليس بين التوائم فقط، بل بين الحق والباطل، بين الصالح والطالح، بين الخير والشر، إنها دعوة صادقة ومن قلوب محبة راجية، أملاها الشعور بالواجب، وثقل المسئولية، وشدة البلاء، وتنوّع المعاناة، وعظم الرجاء، وكيف لا يكون الرجاء عظيماً، والأمل كبيراً، والتطلعات عريضة، والطموحات لا حدود لها، ونحن ننعم في المملكة العربية السعودية بقيادة مباركة حكيمة تولي المواطن كل اهتمامها، خاصة عندما تكون المعاناة جاثمة على صدور المساكين الذي لا حول لهم ولا قوة، وعلى وجه أخص عندما تشتد هذه المعاناة ويتعلّق الأمر بالبقاء على قيد الحياة .. لقد كانت زيارة معالي وزير الصحة السابق الدكتور: حمد المانع لمستشفى حائل (القديم) - هكذا الاسم لدى الناس - (القديم) منذ خمسين عاماً أو يزيد وعلى وجه التحديد منذ عام 1379هـ، المهم أنّ تلك الزيارة المشهودة كانت بالنسبة له ولمن معه صدمة شديدة بل صاعقة أكيدة، وبالنسبة لنا أهالي المنطقة فتحاً مبيناً وبشيراً بين يدي واقع مرير، وكان القرار الفوري الذي صفق له الجميع ليس لأنه خارق ولا لكونه غير متوقع، ولكن لأنه أصاب المفصل وفتح الباب على مصراعيه لغد مشرق وفجر صادق سيظهر في أفق أجا عمّا قريب، وخرج الناس جماعات وأفراداً ينتظرون رحيل عسعسة الليل، يرقبون الفجر وقد أقبل الصينيون ينجزون المهمة في عام، وإذ بالفجر ليس هو الذي كانوا يأملون، فانقلب البصر خاسئاً وهو حسير، هكذا هي الحكاية معالي الوزير، والأيام تمضي وفي كل فجر قصة وعند كل مساء فصول من رواية، وفي جنح الظلام أنين وعويل .. كم من المستضعفين طرقوا الأبواب، تقطّعت بهم السبل، حارت أفكارهم، أُنهكت قواهم، وكانت النهاية غصة ألم مازالت تقض مضاجع أولادهم وستنتقل إلى أحفادهم لا سمح الله، ولذا لا عجب أن تصبح الصيدليات كالبقالات في كل زاوية وبمواصفات مستوصفات، وأن تكون المستوصفات بمواصفات مستشفيات، ولا عجب أن تنتشر الأدوية الشعبية، بل والسحر والشعوذة والكهانة، وأن أبحث عن أم عبد الله المرأة العجوز التي تعالج الأطفال قبل أن أسأل عن الطبيب المختص الماهر فهو عملة نادرة، وأشد منه المخ والأعصاب والصدر والقلب والسلسلة تطول، إنّ هؤلاء العجزة والمقعدين الذين يبحثون عن بصيص أمل في الحياة عبر رحلات متواصلة للرياض أو القصيم أو المدينة المنورة أو جدة أو حتى الأردن ومصر، هم أمانة في عنق أصحاب القرار في وزارتيْ الصحة والمالية على وجه الخصوص وسيسألهم الله عنهم، ويعلم الله أنني لم أدوّن هذا النص الحزين والحكاية الأليمة إلاّ بعد أن وقفت على ما يندى له الجبين، ورأيت وسمعت في مستشفيات المنطقة ما لا يرضاه أصحاب المعالي الوزراء ولا حتى مدير عام الشئون الصحية في المنطقة ولا مدير المستشفى الذي بذل جهده في إيصال الصورة الحقيقة لمن بيده القرار، بل إنّ الجميع يستنكره ولكنها (الحاجة، والإمكانيات، وترتيب الأولويات، وفتح المظاريف والترسيات) هكذا يقال ونحن نصدق ونرضى ولكننا بصدق ننتظر الفرج القريب، وهذا يتطلّب قراراً سيادياً يقلب الطاولة وينقل البشرى لأبناء هذا الجزء من وطننا الحبيب وما ذلك على الله بعزيز، وثقة أهالي المنطقة بشخصكم الكريم معالي وزير الصحة الموقر، معالي وزير المالية العزيز وبمن هم تحت إدارتكما كبير، والأمل يحدونا جميعا بأن يكون القرار ما نراه لا ما نسمعه .. حفظكما الله ورعاكما وسدد على الخير خطاكما وأجزل لكما المثوبة والأجر على ما قدمتما وما تقدمان خدمة للمواطن ورقياً بالوطن، فنحن أهالي حائل نفخر ونفاخر بكما وندعو لكما في ظهر الغيب ونثمِّن مقدماً حسن تعاونكما ونتمنى سرعة تجاوبكما، ودمت عزيزاً يا وطني وإلى اللقاء والسلام.