بديهي ارتباط شيء، بشيء، كارتباط (الساطور) ب(الأضحية) ونحن نترقب شهر ذي الحجة وعيد الأضحى المبارك، فيه. (الساطور) ليس أداة لعب، أو تسلية، أو مرح، أو بهجة، أو آلة تهدى بهذه المناسبة الطيبة، مناسبة عيد الأضحى الكريم. كما أنه ليس طبقاً رئيساً يؤكل اختص بهذا الشهر أو ذلك العيد وكل عيد آخر.
(الساطور) سيف القصاب وسكين عريض ذو حدٍّ واحد يكسر به (العظم)، وجمعه (سواطير) - كما ورد في المعجم الوسيط-.
و(ساطور) ما يكون في مقدمة السفينة من تقوّس خشبي، يستعمل لتلقي تخفيف الصدمات. ويسمّى (دعمية)، واللفظ مشتق من (السطرة) في العامية بمعنى الضربة براحة اليد، فالسفينة تسطر الموج. فهل يمكن أن يسطر به الزوج (زوجته)، أعني سطرها (بالساطور)..؟!
تخيل نفسك تسطر (قارورة) ب(الساطور)..!!
يكفي أن تقع القارورة من ارتفاع بسيط، بسيط جداً كي (تتهشم)!! فهل أنت بحاجة لأن تهشمها ب (الساطور). صلابة الساطور، أو حجمه قياساً بحجم السكين، أو السكين المنزلية، يشعر بالرهبة أو الخوف منه ومن حامله، لذا ارتبط بالقصاب فارتبط القصاب بالعنف والدموية.
ومؤخراً ارتبط (الساطور) بالأزواج كأداة تقتل بها الزوجات، كقاتل زوجته البرماوية في جدة، وقاتل زوجته في نجران صباح الجمعة حين إعدادها وجبة الإفطار لابنتها، وحكم عليه مؤخراً بالسجن 5 سنوات، وهي عقوبة لا تكفي، حيث ادّعى المدّعي العام عدم قناعته بالحكم مما حدا بالمحكمة العامة إلى مضاعفة الحكم لـ15 سنة، في حين مازال المدعي العام يصر على المطالبة بقتل الجاني تعزيراً.. لماذا؟ لبشاعة الجريمة.
فهل الإجهاز على زوجة بحاجة إلى ساطور!! والشارع الحكيم يقول في كتابه، في سورة البقرة {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (228)، ويقول في السورة نفسها: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} (231)
النساء قوارير، وهنّ، أمام الذكر أضعف من أن يتم التعامل معهن بعنف السواطير، وفي معاشرتهن قال الله سبحانه في سورة الروم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (21)فإن لم تتحقق المودة والرحمة كان الطلاق أو الخلع الحلّ الأمثل والشرعي لقطع العلاقة، لا الدموية والإجرام. وقد أوردت مجلة (الدوحة) في عددها رقم (24) ملفاً كاملاً عن العنف ضد المرأة، ولجان حقوق الإنسان في العالم أو الجمعيات النسائية تستعد للاحتفال سنوياً وبتاريخ (25 نوفمبر) كيوم عالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، بأن تبحث في أشكال العنف ومسبباته، خاصة ذلك العنف الذي يمارس على النساء من طرف الأزواج. ولن نبريء ساحة الزوجات من الخطأ أو التقصير أو التجاوز، لكنه ليس الخطأ الذي يستوجب العنف ضدهن، والعنف الدموي بالذات.
وفي شأن ذلك العنف ذكرت (لصحيفة عكاظ) الإخصائية الاجتماعية: سوزان المشهدي في أحد مستشفيات الأمل، أن هناك عدة أسباب تجعل بعض الرجال يقدمون على قتل زوجاتهم عمداً، أو عن طريق الخطأ مثل ضربهن حتى الموت، أو إلقاء مواد خطرة عليهن كالماء الحار والزيت المغلي، أو رميهن بالكراسي، أو الأواني الزجاجية.. لكننا اليوم (حادثة قتل الزوجة البرماوية) أمام حالة قتل التعمد قد تكون ناجمة عن مرض، أو اضطراب نفسي كاضطراب الشخصية المضادة للمجتمع، أو مريض بالاكتئاب لديه ميل لتسبيب الأذى للآخرين، أو ربّما يكون مصاباً بلوثة عقلية مفاجئة وجميعها أسباب تدفع أمثال هؤلاء لقتل زوجاتهم.
كما أن هناك الشك المرضي والغيرة المرضية.. وقد يكون الزوج واقعاً تحت تأثير تعاطي المخدرات، أو تحت هلاوس ضلالات وشكوك، أو واقع تحت الفقر المدقع والبطالة، أو صدمة أخلاقية.وهناك سبب آخر يدفع البعض لقتل زوجاتهم مثل الشكوك في أخلاق الزوجة وهو ما يطلق عليه الصدمات الأخلاقية (خيانة وزنا)، أو يكون هناك خلافات أسرية عميقة بين الزوجين، أو تعرض أحدهما لضغوط خارجية قوية. وهناك أسباب خاصة بالزوجة -كما تذكر ذلك الإخصائية- سوزان، مثل اضطراب نفسي يجعل الزوجة تثير غيرة زوجها بشدة مثل التودد إلى غيره بصورة مخالفة للدين مما يجعل الزوج تحت وطأة المعايرة، أو تهديده بإفشاء أسرار معينة يخجل منها، أو تعتبر في محيطه وصمة عار مثل (الضعف الجنسي)، أو تعاطي المخدرات، أو السرقة، أو تهديده بنشر أفعاله المشينة كاغتصاب الصبيان أو الشذوذ، أو التهديد بالتخلي عنه أو هجره، وما إلى ذلك. وما نخشاه أن نعود بالنظرة إلى المرأة إلى نظرة الكنيسة الغربية وهي تنظر إلى المرأة على أنها جسد بروح شريرة يسكنها شيطان. وفي تقرير إعلامي صدر في 8 يناير 2009م ورد أن معدل الجرائم التي ترتكب ضد النساء في المكسيك ارتفع بشكل مطرد بحيث قتلت 21 امرأة في 45 يوماً في ولاية (شيواوا) الشمالية وحدها. ليس ب(الساطور) قطعاً، لكنها قتلت..!! فهل سنعاني البنية البطركية الذكورية التي تسود العالم بأسره وتولد التمييز والعنف ضد المرأة!!؟ وضد الزوجة بالذّات!!؟. دعونا نترقب 25 نوفمبر، وهو يوافق الأربعاء 8 من ذي الحجة.
ص.ب 10919 - الدمام 31443
Happyleo2007@hotmail.com