Al Jazirah NewsPaper Wednesday  04/11/2009 G Issue 13551
الاربعاء 16 ذو القعدة 1430   العدد  13551
البوارح
نماذج خير
د. دلال بنت مخلد الحربي

 

في مجتمعنا نماذج تضيء في كل خطواتها بإسهاماتها وتفاعلاتها مع مَنْ حولها، وامتداد عطائها إلى آفاق أوسع وأرحب؛ لتتحول مع الوقت إلى نماذج (قدوة) و(مثل) تسعى إلى الإسهام في بناء وطن عبر زاوية لها يعبر نورها من خلالها ليشع على مجموعة من الناس بفعل أو قيمة إنسانية.

وليس كقيمة (فعل الخير) قيمة، الذي تتضاءل كل المعاني أمامه، وتتقزم كل الأعمال؛ إذ لا دافع له ولا مكسب ولا غنيمة إلا احتساب الأجر والمثوبة عند الرب الكريم، وهي خير غنيمة ومكسب تعود على فاعله في الدنيا والآخرة بالخير والبركة وزيادة الحسنات والمثوبة.

(العمل الخيري التطوعي) الذي يقوم به الفرد من ذاته يدفعك للتأمل في معان كثيرة للتكامل الاجتماعي، التي شدد عليها ديننا الإسلامي، ويكبر في عينيك فعل أناس جعلوا ذلك نهجاً لحياتهم، ولدينا نماذج كثيرة في مجتمعنا، أدلل بإحداها بالسيدة كرم الوراق الحجيلان والدة السيد عماد الحجيلان، وزوجة الشيخ جميل الحجيلان، وزير الإعلام في فترة تاريخية سابقة.

فخلال رحلة خير امتدت أربعة عشر عاماً بدأت السيدة الحجيلان عملها التطوعي من خلال مكتب صغير في منزلها، تساعدها إحدى السيدات، هذا المكتب أُشبِّه عمله بعمل مؤسسة خيرية كبيرة؛ إذ تسنى له صرف مساعدات شهرية منتظمة للأسر التي يرعاها من الأرزاق والملابس وشراء المنازل ودفع أجرة بعضها.. وبلغ مجموع ما صُرف خلال هذه السنوات 17.989.040 (سبعة عشر مليوناً وتسعمائة وتسعة وثمانين ألفاً وأربعون ريالاً)، بلغ ما صُرف منه في هذا العام للأسر الفقيرة والمحتاجة مبلغاً قدره 2.572.633 ريالاً (مليونان وخمسمائة واثنان وسبعون ألفاً وستمائة وثلاثة وثلاثون ريالاً).

والسيدة الحجيلان سعيدة بعملها، ويحق لها أن تشعر بالفخر أيضا، وتقول في هذا الصدد إن مكتبها (بدأ يزداد قناعة بأن عملنا التطوعي المتواضع قد لاقى مَنْ هم في حاجة إليه من الأسر العديدة الفقيرة التي يمنعها الحياء وعزة النفس أحياناً من أن تعلن الحالة التي هم فيها).

كما أن عملها مبعث ارتياح لها؛ فهو (يسعد النفس ويريح الضمير، ويعزز الشعور بالمواطنة، رغم أنه عمل يتطلب مجهوداً ذهنياً وبدنياً ومتابعة دقيقة كي يجيء صرف الإعانات في محلها).

وبعد:

ماذا يمكن القول أمام إنجاز وشعور إنساني كهذا؟..

لا شيء سوى القول إن من اختطوا لأنفسهم طريق الخير ليبلغوا به (خير الدارين) هم من خيرة الناس الذين يسهمون في خدمة مجتمعهم من خلال عملهم، وفي هذا فضل عظيم لا يدانيه أي فضل.

ونختم بقوله سبحانه وتعالى: {وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ}.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد