أحسب أن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان قد أحسنت صنعاً حين أطلقت حملتها التعريفية بالحقوق المكفولة نظاماً للمتهم في حالات (القبض، التحقيق، التفتيش، المحاكمة) من خلال نشرتها المفيدة (اعرف حقوقك)، التي استلهمتها من نظام الإجراءات الجزائية الذي صدر المرسوم الملكي في 22 أغسطس 2006م، وقد أشارت الجمعية في مقدمة النشر إلى (أن نظام الإجراءات الجزائية يحترم حقوق المواطنين والمقيمين، ويؤكد على معاملتهم معاملة لائقة تحفظ كرامتهم، وتصون حقوقهم المادية والمعنوية، وتحرم الاعتداء على حرياتهم، وما يمس أشخاصهم أو مالهم أو أعراضهم).
والنشرة -كما فهمت- سيتم توزيعها على مراكز الشرطة والسجون، والإدارات ذات العلاقة.
وأستطيع أن أؤكد كمتابع إلى أن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان قد كونت لنفسها رغم المدة القصيرة من عمرها رصيداً طيباً من الثقة والتقدير لدى المواطن والمقيم، الذين لا يتورعون في الرجوع إليها عند تعرضهم لأي مشكلة حقوقية.. وهو أمر جيد، ويدل على تنامي الوعي الحقوقي لدى المواطن.. رغم أننا نعرف أن جمعية حقوق الإنسان وكذلك (هيئة حقوق الإنسان) لا تملكان سلطات تنفيذية.. إذ يقتصر عملهما على المتابعة، والتوكيل، والرفع للسلطان التنفيذية بالقضية، ومهما يكن فإنهما يقومان بجهد مشكور ومقدر.. خصوصاً أنهما يجدان الدعم والمؤازرة من ولاة الأمر الذين ما فتئوا يؤكدون على ضرورة إحقاق الحق، وإنصاف المظلوم، والحرص على كرامة المواطن والمقيم.
إنني أعتقد أن الجمعية الوطنية وكذلك هيئة حقوق الإنسان.. مدعوتان إلى نشر وتعميم ثقافة حقوق الإنسان عن طريق المحاضرات والندوات، والنشرات المختلفة التي تعرّف المواطن والمقيم بحقوقهما التي كفلها النظام لهما. فالكثيرون من مواطنين ومقيمين يجهلون حقوقهم عند تعرضهم لأي موقف أو تهمة، ولا يعرفون الإجراءات الجزائية المطلوبة، لذلك يتقبلون بعض التجاوزات غير القانونية نتيجة لذلك.. ومن ذلك مثلاً.. حقهم في الاستعانة بوكيل أو محام للدفاع عنهم في مرحلتي التحقيق والمحاكمة، واللذان من حقهما أن يحضرا -الوكيل أو المحامي - جميع إجراءات التحقيق فيما لا يجوز للمحقق أن يعزل المتهم عن وكيله أو محاميه.
(اعرف حقوقك) عمل توعوي مفيد دون شك، يسهم في تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني، ويؤصل ثقافة حقوق الإنسان.. فالمواطن والمقيم بقدر ما عليهما من واجبات لهما حقوق كفلتها الأنظمة المتبعة.. منها ما يتعلق بحفظ حقوقهم وكرامتهم وأملاكهم، وفي النشرة نقاط مهمة تصب في مصلحة المتهم والعدالة على حد سواء منها:
عدم القبض على الشخص إلا إذا كان متلبساً بالجريمة، ووجدت الأدلة الكافية على اتهامه، وفي حال القبض على المتهم فإن من حقه أن يعرف الأسباب التي على ضوئها تم القبض عليه وتوقيفه، كما بينت النشرة طبقاً لنظام الإجراءات الجزائية حظر ومنع التفتيش كقاعدة إلا بقيود خاصة، وألا يتم تفتيش المنازل إلا في الفترة الممتدة نهاراً من شروق الشمس إلى قبل الغروب وألا يتم دخول المساكن ليلا إلا في حالة التلبس بالجريمة، وألا يكبل المتهم بالقيود والأغلال عندما يقاد إلى المحكمة.
(اعرف حقوقك) نشرة مهمة ينبغي أن يطلع عليها كل مواطن أو مقيم، وكذلك ينبغي أن يطلع عليها كل رجل أمن وفي مختلف القطاعات.. فالملاحظ أن شريحة كبيرة لا تعرف حقوق المتهم، لذلك أطالب بأن تجري دورات رجال الأمن يتم من خلالها تعريفهم بحقوق المتهم كاملة كما وردت في نظام الإجراءات الجزائية المتبع في بلادنا، والذي يعطي الدليل القاطع على أن بلادنا وبتوجيهات ولاة الأمر هي موطن العدل والإنصاف، وحفظ حقوق الإنسان وكرامته.. وأن ما تدعيه بعض الجهات المشبوهة في الخارج من غمط لحقوق الإنسان في هذا البلد هو محض افتراء، ودليل جهل للإجراءات التي كفلها النظام للمتهم أياً كان.
لدينا أنظمة عادلة دون شك.. غير أن المهم هو التطبيق.. وعلى الله قصد السبيل.
ALASSERY@hotmail.com