كثيرة هي تلك القنوات التي ملأت فضاءنا، وكثيرون من أبناء المجتمع ممن أدخلوها إلى قلوبهم قبل بيوتهم ولكنَّ هناك صوتاً آخر يرتفع تارة ويغيب أخرى، ويقول إن تلك القنوات هي من بعث العصبية والعنصرية وهي عامل هدم في جسد المجتمع وهي تبث سموماً يجب إيقافها.
وان ناقشنا هذا الكلام سنجده مليئاً بالمغالطات وهي أن هذه القنوات لم نر فيها ما يبث الفرقة أو ما يساعد على خلق النزاع في اللحمة الوطنية، فالمملكة بلد شاسع مترامي الأطراف وقائم على القبيلة وابن القرية في لبناتها الأولى بتكوين لم يزعزع الاثنين في أي حقبة مضت.
وان كان مدح الفرد للقبيلة عيباً وخرقاً للقانون فنرى أن أي حفل تمدح فيه القبيلة فإن أبياتها الأولى إن لم يكن أغلبها هي مدح للوطن ورموزه وتجديد ولاء وانتماء، ولم نر قناة تبث مدحاً ممجوجاً لأي قبيلة أو قرية مطلقاً ومتجرداً من الولاء، وقد رأينا في بعض القنوات الشعبية استضافة لرموز الوطن المهمين من أمراء ومسؤولين وقادة فكر بل إن بعضها التقى السفراء المقيمين بالمملكة في حضور جميل يخلق نسيجاً بين الشعب والسياسة والفكر والثقافة ولولا قناعة هؤلاء السياسيين بأهمية هذه القنوات لقالوا إنها شعبية لا ترتقي ان ظهر بها وأيضاً قنوات دعمت وسيرت حملات ضد العصبية العرقية والطائفية أضف إلى أن هناك برامج عدة في تلك القنوات بثت لقاءات ثقافية نخبوية وغطت صوالين أدبية وتابعت أخباراً اجتماعية وتقارير مهمة وبرامج للمرأة وفتاوى ورياضة فأين خرق المجتمع من هذه القنوات؟
بل الجميل في هذه القنوات انها تدخل المنزل بلا خوف من متابعة الأبناء لها لأنها لا تشكل قلقاً في تكوين الفرد أو متابعة الطفل لتقديمها مادة متحشمة مبتعدة عن الابتذال وعن العري.
ولم نر أنها خصصت لقبيلة أو لطائفة فهي بحلة جميلة أظهرت لنا تغطية هجر ومراكز ومحافظات ومناطق في حفلات الأعياد التي يرعاها مسؤولو تلك المناطق أو حفلات الصيف وان كنا قبل تلك القنوات لا نعرف بعضاً من الهجر ولا نعرف كثيراً من عادات أهلها سواء حاضرة أم بادية.
هاجموها تلك القنوات وأغفلوا قنوات الطرب العاري والرقص الماجن التي اشتكى منها أيضاً أهل الفن فأيهما أجدى قناة تبث الموروث والعادات والتقاليد؟ أم قناة تبث الفجر والعري؟
قد يكون هناك بعض المخالفات من بعض القنوات ولكن التعميم لغة ليست لأهل الفكر.
وأعتقد أن من كتب مهاجماً للقنوات لحالتين هما أنه يعتقد بانسلاخه من الموروث انه متطور.. والأخرى أنه يعتقد أن به عيباً حين يقال عنه ابن قبيلة أو ابن قرية، وهذا مركب نقص به بل لابد أن يُطلق عليه لقب مثقف وهو أبعد ما يكون عنه؟
فقد رأينا بأم أعيننا قدوتنا الأول الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله وكيف يحافظ على إقامة العرضة النجدية كل عام وكيف أنه من أمهر لاعبي السيف بها ورأينا قرار الداخلية في إيقاف الزحف المستمر وبناطيل طيحني وغيرها وقصات الكدش فمن جاء بهذه الموضة هل هي قنوات الشعبية أيضاً؟
zabin11@hotmail.com