الكازاك هم مجموعة من القبائل الرحّل كانوا يقطنون أجزاء من آسيا الوسطى، قبل أن ينضموا للإمبراطورية الروسية، ومن ثم الاتحاد السوفيتي، إلى أن نالت استقلالها -كدولة- عن الاتحاد السوفيتي عام 1991م، وما لبثت أن شقت طريقها نحو نمو اقتصادي سريع، فأصبحت تمتلك أبرز الاقتصاديات الواعدة في آسيا الوسطى، بمعدل نمو مطرد يبلغ10%.
كازاخستان استعادت هويتها الإسلامية، لكن بشروط الحداثة الواعية أن العصر له متطلباته وتحدياته.
خلال الأسبوع الكازاخستاني الذي أقيم في المملكة الأسبوع الماضي، أتيح لنا نافذة شاسعة نطل منها على جزء غامض من العالم ظل لأعوام طويلة يختبىء خلف الجدار الحديدي، الذي كان يواري ثقافات شعوب عريقة وفنونها ومعتقداتها على حساب الأيديولوجية الحمراء.
وبما أن الفنون والآداب هي بطاقة التعارف المتبادلة الأولى والواجهة التي تعلن بها الشعوب معالم مدنيتها وثقافتها، فقد كانت تلك الأيام ثرية على عدة مستويات؛ أبرزها تجاوز المركزية الثقافية الغربية، التي تهيمن على ذائقة العالم وتسيطر على الكثير من تفاصيل أنشطته وتوجهاته الثقافية، إلى ثقافات شعوب عريقة وثرية لكنها لم تستطع أن تمتطي حصان الترويج الإعلامي الجهنمي بنفس مهارة وحرفية الغرب.
إن الالتفات لتلك الصناديق الثمينة المغلقة من شأنه أن يزحزح تلك المركزية ويشذب طغيانها على أذواقنا، ومن ناحية أخرى يوسع أفق الرؤية أمام أعيننا ويثري الوعي الجماعي المحلي بالصوت واللون والملمس.
مدينة الرياض كمدينة مستقبلية تحتاج إلى إعداد أرضية ملائمة لاستقبال الفعاليات الثقافية والفنية العالمية بروح من الود والتسامح، وهو الأمر الذي يأخذها بعيداً عن كونها، تجمع إنساني يقترب من ورشة العمل يرتفع فيه أصوات رافعات ومطارق البناء وأبواب السيارات، ووقار الإسمنت، إلى مدينة استهدفت المستقبل واستجابت لجميع شروط التجمع الحضري المتمدن.
إحدى الاعلاميات ممن حضر الفعالية قالت: (قد وصل بي الجيشان وأنا أتابع العروض الأخاذة إلى درجة اغرورقت عيناي بالدمع، وكم وددت أن يكون لنا أنا وعائلتي على الدوام نشاط بنفس هذا المستوى نقضي به بعض أوقاتنا، ونرتفع بأذواقنا وإنسانيتنا ونشذب أرواحنا، بدلاً من أن نستسلم لقمة سائغة لفكّي الاستهلاك ما بين المولات والمطاعم)!
الأسبوع الثقافي الكازاخستاني يقدم تجربة إبداعية عريقة وثرية، دولة إسلامية نهضت من بين ركام الشيوعية بسنوات قصيرة واتجهت نحو الغد.