كتبت في هذه الجريدة العدد 13162 في السبت 12 شوال 1429هـ مقالاً بعنوان (أرقام المنازل والتحضر المنشود) طالبت من خلاله الجهات المعنية بعملية ترقيم المنازل بضرورة إيضاح ما كان يحدث أثناء إزالة الأرقام القديمة للمنازل..
والإبقاء على أرقام صناديق البريد التي تعرضت لشتى أنواع الهجر والخراب. وكنت قد بيّنت الطريقة التي يتبعها من أوكلت إليهم مهمة نزع الأرقام القديمة بغية استبدالها بجديدة دون أن تكلف الجهة المعنية بالأمر عناء إبلاغ قاطني تلك المساكن حتى خُيل لهم أي الساكنين أن ثمة أدوات تخريب قد عبثت بأسوار منازلهم محدثة شقوقا وحفرا فيها. حتى جاءت الأرقام الجديدة ذات الخانات الأربع، والتي حلت مكان الأرقام القديمة المفردة وليس مكان أرقام صناديق البريد.
في هذه الأيام يتم ترقيم المنازل من جديد بأرقام مفردة صغيرة ذات قاعدة خضراء اللون توضع على لوح صغير من المعدن يتم تثبيته على السور بجانب الرقم القديم الجديد الذي تم تثبيته مؤخراً والذي يحمل خانات أربعا. ولم يخف على من قام بتثبيت تلك الأرقام الجديدة أن يقوم بتثبيتها بجانب الحفر والثقوب والشقوق التي خلفتها إزالة الأرقام القديمة حتى ليخيل لمن ينظر إلى أسوار البيوت أنه ينظر إلى ثوب مرقع مهترئ.
لا أعلم حقيقةً: ما السبب الذي يجعل عدداً من الجهات المعنية بهذا الأمر أن تعمل بشكل منفرد ومستقل وكأنهم في سباق محموم نحو تخريب المنظر العام للبيوت من جهة، ومن جهة أخرى نحو تحقيق هدف معين دون دراسة كافية تكفل على أقل تقدير توحيد الأرقام وتوعية الساكنين بها حتى يتسنى لهم استخدامها بالشكل المراد.
ذكرت سابقاً أن عملية ترقيم المنازل إنما هي استشعار للبدء بالتفكير بشكل جاد في ترقية الأدوات المستخدمة من خلال رفع درجة التحضر الذهني المنشود والتي تجعلنا نتباهى كثيراً بها كخطوة رئيسة في طريق حضارة كنا ولازلنا ننتظرها؛ من شأنها أن تسهم بشكل كبير ومباشر في تعجيل عدد من الإجراءات التي عانينا منها لعقود من الزمان كإيصال البريد والفواتير وإيضاح عناوين المنازل وغيره مما يساهم في وضع البلد على عتبة الحضارة التي سبقنا إليها عدد كبير ولا حصر له من الدول المتخلفة حضارياً والفقيرة اقتصادياً والعاجزة إبداعياً وابتكارياً، لكنها - أي تلك الدول - في ذات الوقت كانت تقدر قيمة ترقيم المنازل من جميع المناحي الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
انتظرنا كثيراً كي نرتقي بفكرنا ونحقق ما حققته تلك الدول على الأقل حتى يكون لتلك التقنية الحديثة فقط في بلادنا وهي الخرائط الإلكترونية قيمة؛ فالمعروف أن تلك الخرائط انتشرت بشكل ملحوظ سواءً داخل السيارات أو حتى عبر أجهزة الجوالات، تزامن ذلك مع الجهد الذي تم بذله من قبل البريد السعودي الذي أعد العدة ونظم نفسه لتقديم خدمة راقية تعتمد على أكثر أنظمة البريد ذكاءً في العالم.
أطرح دوماً تساؤلاً مشروعاً يدور حول الوسائل التي يتم من خلالها تحقيق هدف معين، فهل يكفي أن يتم الإيعاز لجهة ما بعمل معين دون القيام بدور رقابي على ما تحققه أثناء تأديتها ذلك العمل؟ هل يكفي رسم الخطة للتأكد من تحقيقها؟.. أسئلة كثيرة تدور في الذهن حول غياب دور الرقيب فيما يحدث فضلاً عن غياب عامل التخطيط قبلاً. فكيف يمكن أن يتم ترقيم المنازل لأكثر من مرة وخلال فترة زمنية قصيرة، ثم ماالغاية المراد الوصول إليها من عملية الترقيم تلك؟، لماذا لا يتم توعية الساكنين بالعملية حتى يتسنى لهم -على الأقل- منع ذلك العامل الآسيوي الذي يعمد لإنهاء عمله بأبسط الطرق وأقلها جهدا محدثاً تشوهاً حقيقياً في ملكية الأفراد أو حتى مساعدة العامل الآسيوي الآخر في إرشاده ليس للمكان الملائم لوضع تلك اللوحات الرقمية إنما على الأقل لإرشاده باستقلالية المنزل وأنه أي المنزل ليس جزءاً من منزل آخر حتى لا يقوم بتقسيم المنازل بناءً على تقييمه هو، وهو وحده!!
إلى لقاء آخر - إن كتب الله...