Al Jazirah NewsPaper Sunday  01/11/2009 G Issue 13548
الأحد 13 ذو القعدة 1430   العدد  13548
نوافذ
تقرير المعرفة
أميمة الخميس

 

التقرير الذي صدر عن منظمة الأمم المتحدة بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد , يحوي بين طياته أرقاماً مفزعة حول المعرفة وصناعتها وتوطينها في العالم العربي , سواء ما يتعلق بأعداد الأميين والأطفال الذي يتاح لهم الالتحاق بالمدارس , إضافة إلى نتائج تظهر شح خطط التنمية التي تستهدف التنمية الاجتماعية والثقافية للفرد , بشكل يجعلنا نقع في بؤرة يأس ناتج عن شكوكنا بمدى جدية العالم العربي في الالتحاق باقتصاد المعرفة.

ولكن هناك العديد من التفاصيل في هذا التقرير تجعلنا نراجع ونناقش الكثير مما جاء فيه , فلا أدري من أي منطلق أو أرضية بحثية يوضع عموم العالم العربي في سلة واحدة , ومن ثم تطبق عليه المقاييس , بشكل مجمل وتعميمي مغفل للتفاوت بين الأقطار؟

فمجال التقرير , وعينة الدراسة تعيش تحت ظروف متباينة تماماً سياسياً واقتصادياً وجغرافياً, فهل هناك أرضية مشتركة اقتصاديا في العالم العربي فقام هذا التقرير على طموح بالمزيد من التكامل الاقتصادي؟ أو هل هناك وحدات سياسية كونفدرالية في عموم العالم العربي تحت مظلة الجامعة العربية تصبو إلى المزيد من التنسيق؟ أم في النهاية نكتشف بأنه نوع من جلد الذات ووضع الجميع في سلة مشتركة تحت شعارات قومية لم يعد لها سوق اليوم , في عصر تقوم فيه الاتحادات على المصالح والتوزانات الإستراتيجية؟

أذكر أنني قد سبق وأن شاركت في ورشة عمل نظمتها اليونسكو حول (منتدى التعليم للجميع), ويهدف المنتدى إلى التغلب على الأمية في عموم العالم العربي , وفوجئت في المنتدى أنّ جميع الحلول المقدمة كانت موجهة لبيئات معينة , وأنّ الخطط وآليات التنفيذ تستهدف بلداناً محدودة بالمنطقة مغفلة المشاكل الأخرى لعدد من البلدان العربية , فتنخفض مناقشة مشاكلها المتعلقة بمعوقات تعليم المرأة وتمكينها تحت ذريعة أن الرفاه الاقتصادي من الممكن أن يمتلك جميع الحلول؟!

وأعتقد بأن الخطورة في تقرير المعرفة للعالم العربي ليس في سلبية نتائجه , بل تكمن في كونه يتسم بنتائج شمولية عمومية لا تكترث بالتفاصيل , ولا تفصل الاختلاف والتباين , وبالتالي من الصعب أن تنطلق عنه خطط وآليات أو حلول مرتبطة بالواقع مستجيبة لمتطلباته.

على سبيل المثال يظهر التقرير أن سبع دول عربية فقط (دول مجلس التعاون الخليجي وليبيا)، والتي تشكل 15% من عدد سكان المنطقة العربية، تقع في فئة الدول ذات التنمية البشرية العالية، ففي حين حققت دول الخليج العربي أعلى نسب في مجال بلوغ الأهداف التنموية للألفية، ما زالت بعض الدول العربية الأخرى عاجزة عن بلوغ تلك الأهداف بحلول عام 2015. وبالتالي لا يستطع العالم العربي أن يقدم حلولاً ناجعة ومشتركة للجميع.

أعتقد بأن ما يحتاجه العالم العربي في هذه المرحلة ليس المزيد من الإحصائيات التي تغطي المنطقة بشكل عمومي وشامل , لكن لابد أن نعطي لكل قطر خصوصيته واستقلاليته لتكوين تجربته الخاصة في مقاومة مشكلاته التنموية والمعرفية , لأن نجاح تجربة بلد واحد في المنطقة بالتأكيد سيرفع سقف التطلعات والطموحات في الدول المجاورة وشعوبها .. تماماً كما تحول نجاح ماليزيا إلى منارة للعالم الإسلامي.

ولنكتف الآن بالخطوط العريضة لمقاومة تخلف المنطقة والمتمثلة في تفعيل أنظمة وقوانين تحترم الحريات , وتدعم استقلالية السلطات الثلاث , وتهيئ أرضية خصبة لمؤسسات المجتمع المدني , تحمي الأقليات , وما هنالك من شروط الدولة الحديثة , وبعدها سيكون الجميع في مضمار ومسعى واحد في مسيرة التنمية.

أما قضية أنني أعمم خارطة البؤس العربي من المحيط إلى الخليج فهذا بالتأكيد يسهم بالمزيد من الانقطاع عن الواقع وتفاصيله الفعلية.






 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد