لاهاي – واس:
أكد صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز، مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام للشؤون العسكرية، أن استعمال واقتسام الموارد المائية بحكمة وإنصاف يجعل من المياه حافزاً لإحلال السلام على الصعيد الدولي.. معرباً عن تفاؤله بالمستقبل على الرغم من الرؤية القاتمة والنذر بالأخطار الداهمة التي ترسمها التقارير الدولية. وأوضح سموه في كلمة له في حفل عشاء أقيم خلال جائزة الأمير سلطان بن عبد العزيز العالمية للمياه مساء أمس الأول الجمعة في مقر عمدة مدينة ديلفت أن الجائزة تدعو إلى الإبداع بحلول غير تقليدية من أجل إنقاذ كوكب الأرض. وقال: (لا يخفى عليكم أن العالم أجمع هو رهين قطرة الماء.. مشاكله تبدأ بها.. إخفاقاته هي أحد أسبابها.. صراعاته معظمها في الاستحواذ عليها.. بؤسه أو رخاؤه ناجمان عنها نموه وتنميته متوقفان على توافرها حربه أو سلامه قائمان على مصادرها.. أمنه أو تهديده هما أحد دوافعه.. حقا لقد أصبحت المياه عنصراً من عناصر قوة الدولة جنباً إلى جنب مع القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية والاجتماعية والمعلوماتية.. قال المولى سبحانه وتعالى { وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}. وأشار سمو الأمير خالد بن سلطان إلى أن بيان المدير العام لليونسكو في يوم المياه العالمي في 22 مارس الماضي يؤكد ذلك حيث أوضح البيان (أن المياه تؤثر في جوانب الحياة البشرية كافة، من الصحة والصرف الصحي إلى الطعام الذي نتناوله ومن البيئة والنظم الايكولوجية إلى الصناعة والطاقة التي تدير عجلة التنمية.. ولكن هذه النعمة باتت مهددة. مهددة ممن يتنعم بها، أي المنتفعين بها الذين ازدادت أعدادهم تزايداً هائلاً، وتوسعوا عمرانياً، وغيروا أساليب استخدامهم للأراضي، فضلاً عن نتائج أفعالهم من الاحتباس الحراري.. وأسفر عن كل ذلك ضغوط شديدة، نجمت عن التزاحم على الموارد المائية المحدودة. وأضحت كميات المياه المتاحة لكل شخص تتفاوت أكثر فأكثر وتتناقص بشكل جد خطير). وتابع سموه قائلاً: (لقد سبق وحذرت في المناسبات المائية كافة من خطر الصراع على نقطة المياه، وتساءلت هل ستكون الحرب المقبلة حرب مياه؟ أم ينبغي ألا تكون سبباً للتنازع والتناحر. فلو كانت طريقة استعمالنا واقتسامنا للموارد المائية حكيمة ومنصفة، لأمكن أن تكون المياه عاملاً حافزاً للتعاون وإحلال السلام على الصعيد الدولي). وأضاف (وقد أحسنت اليونسكو صنعا عندما أعلنت المبادرة المسماة: من احتمالات النزاع إلى إمكانية التعاون والتي تركز في تنمية قدرات أصحاب القرار والدبلوماسيين ومهنيي المياه والشركاء الرئيسين الآخرين، من أجل تدارك النزاعات في المياه ودرئها وتسويتها وتغيير الثقافة السائدة في مجال إدارة المياه العذبة لتحويلها من ثقافة عمادها التنافس والأنانية إلى ثقافة قوامها التعاون والتآزر والتفاهم). ومضى سموه يقول: (وأتساءل: أليس هذا ما تدعو إليه حوكمة المياه العالمية؟ وهل يأتي اليوم الذي تكون فيه المياه عاملا من عوامل التقارب، لا عاملاً من عوامل الفرقة، عاملا من عوامل التعاون، لا عاملا من عوامل الاقتتال والتناحر؟ ليس هذا ببعيد، إذا خلصت النوايا، وقويت الإرادة السياسية وهجرنا الأنانية وتمسكنا بشعار عش ودع غيرك يعيش. لا عش واستمتع برغد العيش و لا تلفت إلى أحد ولو مات عطشا). وأشار إلى أنه شاع في الآونة الأخيرة اصطلاح الحوكمة في العديد من الأنشطة والأبحاث وبات أكثر شمولا وأدق تفصيلا وأعم فائدة للمستخدمين والمنتفعين من اصطلاحي الإدارة المائية المتكاملة أو الإدارة المعرفية المتكاملة للمياه. وزاد سمو الأمير خالد بن سلطان يقول: (لذا، أصبحت الحوكمة العالمية الصحيحة للمياه مطلباً حيوياً وجهداً ضرورياً لتذليل ما يعتري العالم من أزمات مائية. لن أتعرض لتعريفها، فأنتم أدرى بها وعلى علم بأهميتها وضوابطها وإجراءاتها، ولكني سأركز في أهم خصائصها التي من دونها يفقد المصطلح معناه والجهود المبذولة قوتها والنتائج فاعليتها. وأبرز تلك الخصائص التخطيط المتكامل، المشاركة الفاعلة لجميع الأطراف، الإطار القانوني العادل الذي يحكم الأطراف كافة، الشفافية، الاستجابة السريعة وعدم التباطؤ في تنفيذ القرارات، المساواة والشمولية، الكفاءة والفاعلية، الرقابة والمحاسبة، وأخيراً وهو أهمها التركيز في التخفيف من حدة الفقر. تسع خصائص رئيسة أوصي بأهميتها وضرورة اتباعها حتى تحقق الحوكمة العالمية للمياه أهدافها). وأشار سموه إلى أنه من خلال متابعته لما ورد في المنتدى العالمي الخامس للمياه وما صدر عنه ومن خلال اطلاعه على تقرير الجوع للعام 2009 الصادر عن منظمة الفاو وبرنامج الغذاء العالمي تحت عنوان (حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم)، فقد لفت انتباهه العديد من الملاحظات والإحصائيات التي ينبغي وضعها في حسبان كل من يهتم بشأن المياه تخطيطا وتنفيذا، وإدارة ووعيا، حوكمة ومعرفة. وتابع قائلاً: (كما تبين أن الرؤية قاتمة، والمستقبل ينذر بأخطار داهمة. ونسأل: هل من أمل؟ من وجهة نظري، نعم هناك أمل، والأمل ينبثق من أنفسنا ومن قوتنا وإرادتنا. فالإنسان هو المستهلك وهو المسرف وهو المرشد وهو المبدع وهو الباحث وهو المقرر وهو من سيتولى تنفيذ ما اقترحه من خماسية الحل، وهي: ازدياد الوعي المائي، وتحقق الإرادة السياسية الراشدة، واتباع منهج الإدارة المعرفية المتكاملة الحازمة للمياه، واعتماد الحوكمة العالمية المائية العادلة، وتسخير التقنية لخدمة الأهداف الإنمائية). وأضاف (لذا، فإن جائزة الأمير سلطان بن عبد العزيز العالمية للمياه تدعو الباحثين والعلماء ومراكز البحوث والجامعات إلى بذل الجهد في الدراسة والتحليل والابتكار والإبداع والإثراء بأفكار بناءة وحلول غير تقليدية عسى أن نحقق أمل الإنسانية وننقذ كوكبنا مما يعانيه من ندرة وتلوث وتصحر وجفاف وسخونة متزايدة في المناخ وتآكل شواطئ وانحسار مدن ساحلية وفقر مائي في دول عديدة). وكان صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان قد استهل كلمته بتوجيه الشكر إلى حكومة هولندا وشعبها الكريم لحسن الوفادة وكرم الضيافة ومواقفها الإيجابية تجاه العديد من المواقف العربية. كما وجه سموه شكره العميق إلى صاحب السمو الملكي الأمير وليام ألكسندر، ولي عهد هولندا أمير أورانج، لاستضافته الاجتماع الأول لمجلس الجائزة في دورتها الرابعة، وحفلة يوم الجائزة في مدينة دلفت العريقة.. مشيداً بما يبذله سموه من وقت وجهد في الاهتمام بقضايا المياه وإدارتها، وفي تخفيف المعاناة المائية، في الدول جميعها، منذ أكثر من أحد عشر عاما. ونوه سمو الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز بالتعاون المستمر بين المملكة وهولندا وقال: (إن التعاون بين بلدينا يشهد نمواً ملحوظاً، في مجالات عدة. تعاون يضرب جذوره في عمق التاريخ لمدة تناهز الأربعة قرون. علاقات ما زلنا نرعاها، ونأمل نموها وازدهارها).
من جانبه، رحب ولي عهد هولندا بسمو الأمير خالد بن سلطان وأعضاء مجلس الجائزة، مشيراً إلى الذكريات الرائعة التي لا يزال يحتفظ بها من زيارته للرياض في العام الماضي ومشاركته في حفل توزيع جائزة الأمير سلطان بن عبد العزيز العالمية للمياه، والنتائج الإيجابية التي تحققت خلال الزيارة. ووصف الأمير وليام ألكسندر الجائزة بأنها عامل مهم في إيجاد وعي بمشكلة المياه عالميا وأيضا في مجال تحفيز البحوث لإيجاد حلول للمشكلة. وبين أن زيارة رئيس وأعضاء مجلس الجائزة تشكل فرصة ثمينة لتحقيق وعي بمشاكل المياه، ولتبادل وجهات النظر حول سبل حل هذه المشاكل، ولمعرفة قضايا المياه المحددة لكل جانب، ولمناقشة إمكانية التعاون الوثيق بين قطاعي المياه في كلا البلدين سواء على المستوى الحكومي، أو الخاص، أو العلمي.
حضر حفل العشاء الذي استضافه عمدة مدينة ديلفت السيد فير كيرك سفير خادم الحرمين الشريفين لدى هولندا عبدالله بن عبدالعزيز الشغرود، وسفير هولندا لدى المملكة رون ستريكور، وأعضاء وفد مجلس جائزة الأمير سلطان بن عبد العزيز العالمية للمياه، وعدد من المسؤولين والباحثين ورجال الأعمال.
تصريح صحفي
إلى ذلك أكد صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز، مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام للشؤون العسكرية ورئيس مجلس جائزة الأمير سلطان بن عبد العزيز العالمية للمياه، أن الجائزة هي لمنفعة المملكة والعالم أجمع، وذلك إيمانا من مؤسس الجائزة بضرورة الاستمرار في العمل من أجل حل مشكلة شح المياه عالمياً ومحلياً. وقال سموه في تصريح صحفي مساء أمس الأول الجمعة في ختام اجتماع مجلس الجائزة في مدينة دلفت الهولندية: (إن اجتماع مجلس الجائزة ناقش إستراتيجية الجائزة وهي مسألة مهمة جدا لأن توجيهات سمو سيدي ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز أن هذه الجائزة لمنفعة المملكة العربية السعودية والدول العربية والعالم أجمع من شح المياه مستقبلاً لذلك فإن التركيز بشكل أكبر ومن خلال أبحاث أعمق من أجل إيجاد الحلول لهذه المشكلة وأن نحاول من خلال هذه الجائزة أن نساهم مساهمة قوية مع وزارة المياه المسؤولة في المملكة عن هذا القطاع). وأوضح سموه انه تم خلال الاجتماع كذلك بحث كيفية التعاون مع اليونسكو مستقبلا في هذا المجال.. مشيراً إلى أنه سيجري بحثها أكثر في الاجتماع القادم والمقرر في الرياض في شهر أبريل من العام القادم). وبين الأمير خالد بن سلطان أن الاجتماع ناقش أيضا التحضير لتسليم الجائزة في ديسمبر 2010 وتقييم الترشيحات التي تلقتها الأمانة العامة للجائزة وهي أكثر من خمسين بحثا من 17 دولة، معرباً عن الأمل في أن تصل أبحاث أخرى قبل نهاية يناير 2010. وقال سموه: (جائزة الأمير سلطان بن عبد العزيز العالمية للمياه ليست الوحيدة ولكنها أكبر جائزة موجودة في العالم ومعترف بها، ومساهمتها في حل مشاكل شح المياه عن طريق الأبحاث خاصة الأبحاث الإبداعية والأبحاث الأخرى وهي العامل المنشط مستقبلاً والمساهمة مع المنظمات العالمية المهتمة بالمياه). وأضاف سموه (توجيهات الأمير سلطان هي بأن تساهم الجائزة في حل هذه المشكلة العالمية ولكنها هي في نفس الوقت من أكبر المشاكل في الشرق الأوسط وتعد المشكلة رقم واحد في المملكة العربية السعودية. ولهذا فإن الأمير سلطان مهتم، وتوجيهاته لنا هي بتقوية الجائزة وبتقوية الأبحاث وربما هذه الأبحاث بإذن الله تكون هي الطريق لحل المشاكل المستقبلية). وأفاد سموه أن اهتمامات سمو ولي العهد يحفظه الله بالمياه بدأت منذ أن تلقى تقارير متكاملة وخاصة أبحاث من جامعة الملك سعود (وبناء عليه أول ما بدأ هو تأسيس مركز أبحاث للمياه في الجامعة حيث يعد هذا المركز من أهم المراكز الموجودة في المملكة قبل الجائزة ومن ثم جاءت فكرة سموه بتشجيع الباحثين في المملكة العربية السعودية وفي العالم لحل مشكلة هو يعتبرها مشكلة ليست عالمية فقط، فكما نعرف أن أكبر منطقة بها نقص أو شح مياه هي الشرق الأوسط وأكبر منطقة في الشرق الأوسط فيها شح أكثر هي المملكة العربية السعودية). وقال الأمير خالد بن سلطان: (من هذا المنطلق فإن مساهمة الأمير سلطان في هذا الخصوص ليست محدودة ومهتم بها وفي الاستمرار لحلها). وحول اختيار هولندا لاجتماع مجلس الجائزة وعقد يوم الجائزة فيها، قال سموه: (أولاً كانت سعادة كبرى وشرف عظيم وجود سمو ولي العهد هولندا في المملكة في حفل الجائزة العام الماضي وبحكم محبته واشتراكه في حل مشاكل المياه العالمية قدموا الدعوة على أساس عقد الاجتماع السنوي في مملكة هولندا)... معربا عن شكره لسمو ولي عهد هولندا على دعوته وحضوره الحفل الرسمي ليوم الجائزة.
وكان سموه قد رأس اجتماع مجلس الجائزة في مدينة دلفت الهولندية وألقى سموه كلمة في بداية الاجتماع رحب خلالها بأعضاء مجلس الجائزة في اجتماع الجلسة الأولى من الدورة الرابعة.
وطمأن سموه الجميع على صحة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام -حفظه الله- وقال: (يهديكم سمو ولي العهد، حفظه الله تحياته وتمنياته لكم بالنجاح في أعمالكم كما عهدكم وذلك من خلال الاستمرار في إثراء هذه الجائزة لإنجاحها في جميع المجالات).
وعبر سموه عن شكره (للأعضاء جميعهم على جهودهم سائلا الله التوفيق في تطوير الجائزة وفي الاختيار الصحيح للفائزين من بين المرشحين). وتناول الاجتماع السبل والإستراتيجيات الكفيلة بتطوير الجائزة نحو المزيد من النجاحات.
مأدبة غداء
من جهة ثانية أقام صاحب السمو الملكي الأمير وليام ألكسندر، ولي عهد مملكة هولندا مأدبة غداء يوم أمس الأول في القصر الملكي تكريما لصاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام للشؤون العسكرية رئيس مجلس جائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه.
حضر المأدبة سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مملكة هولندا عبد الله بن عبد العزيز الشغرود، وسفير هولندا لدى المملكة رون ستريكور وعدد من كبار المسؤولين الهولنديين.