Al Jazirah NewsPaper Sunday  01/11/2009 G Issue 13548
الأحد 13 ذو القعدة 1430   العدد  13548
تقنية التواصل بين أمس واليوم
حسن اليمني

 

الانتقال من بيوت الطين إلى الأسمنت والخرسانة لم يكتفِ بتجديد الأثاث وتوسيع الغرف، ولكنه أيضاً نقل معه كيس التواصل ورزمة التقارب وتوسيع الخيال والأنانية...

كان ذلك نتاج الطفرة أو القفزة النفطية الأولى فتوسعت المدن وتباعدت الأحياء وتبدلت السيارات لتتواءم والطرق الجديدة

وحفاظا على السيارة وأثاث البيت الجديد صار الهاتف وسيلة الوصل والاتصال ومن طبيعة الأشياء أن تتبدل المشاعر والطبائع...

وبعد مسافة زمنية جاءت القفزة الثانية للنفط لتحاول معالجة أضرار الأولى ولكن هذه المرة بتقنية مستجدة تتواءم وكثافة التقنية التي انهمرت على مجتمعنا فما عاد الاتصال الهاتفي يتناسب وصلة الرحم مع تسارع الوقت فحلت الرسائل عبر الهاتف المحمول لتبارك وتهنئ وتدعو وحتى تعزي..

التهاني عبر المحمول حلت بديلا لتناطح الروس ولا اقصد روسيا الاتحادية ولكن الروس التي تظهر بقاعدة على أكتاف البشر..

والدعوات للمناسبات التي لا تقام إلا في صالات أعدت لهذا الغرض لان المساكن أصبحت مؤثثة بأثاث ثمين وراقي والغرض منها تغير وأصبح لإشباع جوع العيون والإسرار بها لخاصة الخاصة فقط وأما العزاء فأخشى أن يتطور أيضا لتصبح عملية الدفن منقولة عبر الهاتف المحمول وترسل الصور عبر الوسائط لاستدرار الدموع التي تظهر في رسوم كاريكاتورية ترسل أيضا عبر المحمول وربما كتب تحتها أحسن الله عزاكم... لكن مجتمعنا مجتمع عائلي حميمي ومهما قست به وأقسته طفرات النفط فإن وجدانه مسكون بالألفة والتواصل لذا انشأ الاجتماعات والجمعيات والصناديق الأسرية وحتى أصبحت بعض الأسر تصدر المجلات الأسرية والمواقع الاليكترونية ومن يدري فقد تظهر لنا القنوات والإذاعات الأسرية إذ بدأ بعض هذه الأسر إبراز مواهب أفرادها وتقديم الجوائز والمحفزات لهم...

خبراء الاقتصاد يتنبئون بقفزة نفطية خلال العامين القادمين ولست ادري ما الذي يخبئه لنا المستقبل لكن البدايات تبدو ظاهرة الملامح فتقنية الإنشاءات أصبحت قادرة على إنشاء قصر فخم خلال أقل من شهرين والتكلفة اقل وبكثير فهل سنرى الأحياء العائلية؟ إذا عرفنا أن المشكلة المتبقية هي في توفير الأرض وأن المساكن ستصبح مثلها مثل أي بضاعة تستورد وتركب حسب الدليل الإرشادي المرفق (كتالوج) من يدري؟ لكن الحياة تسير نحو الأسهل بفعل تطور التقنية والعلم وان كانت قد أثرت على التواصل الاجتماعي اليوم فربما ساعدتنا في النهاية على بلورة أطر جديدة للتواصل ولكن بشكل علمي جاف لا عاطفة فيه..



Hassan-alyemni@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد