فيما كنا (نجلد) تقرير منظمة (مراسلون بلا حدود) الذي وضع السعودية في المرتبة الـ163 من 175 دولة، في مؤشرها لحرية الصحافة العالمية للعام 2009، وهو ترتيب متأخر، اعتبره أغلب الزملاء غير عادل في حق التطورات التي تشهدها الحريات الصحفية السعودية، وهي شكوى نردّدها كل عام دون جهد أو محاولة لتغيير سلبية المنظمة وبحث معاييرها.
في هذه الأثناء حكمت محكمة جدة بمعاقبة الإعلامية، روزانا اليامي ب(الجلد) 60 جلدة دفعة واحدة، وقبلت عاجزة الحكم، وهي ليست المرة الأولى التي يصدر فيها حكم مشابه بجلد صحفي أو إعلامي من قاضٍ شرعي، مع تحفُّظي التام على عقوبة (الجلد) التي أكل عليها الدهر وشرب، ويجب على العلماء الشرعيين البحث في أفكار بديلة للعذاب الجسدي!.
قلت في حديث صحفي: (إننا محظوظون باهتمام الملك الشخصي وتدخله لمنع تطبيق أحكام أصدرها أكثر من قاضٍ في حق أكثر من زميل). والوقت حان لتكون القضايا الإعلامية خاضعة فقط للجنة المختصة بوزارة الثقافة والإعلام للنظر في قضايا النشر، بحكم أنها جهة مستقلة وقانونية تتفهّم العملية الإعلامية وصناعة الإعلام بشكل أشمل، لم يَعُد من الممكن قبول أن تنظر محكمة مشغولة وقاضٍ أمامه عشرات الآلاف من القضايا المعطّلة والمتعلّقة بحياة الناس اليومية والمصيرية، وهو أصلاً متأخر في التفاعل مع القضايا العادية، فكيف تكون المحكمة قادرة في الوقت ذاته على النظر في القضايا الإعلامية، وفي جوانبها الفنية والمعلوماتية والتقنية .. أضف إلى ذلك الموقف التقليدي السلبي من قِبل رجال القضاء الشرعي اتجاه الإعلام والعاملين فيه؟.
وبالنظر لتجربة قديمة وناجحة تمثّلت في لجان فضّ المنازعات المصرفية أو المحاكم التجارية، فإننا نحتاج إلى تطبيق فوري لتلك التجارب الناجحة في القضايا المتخصصة بالنشر والإعلام. صحيح أنّ هناك لجنة للنظر في المخالفات الصحفية شكّلت بناءً على أمر سامٍ، نصّ على أن تتم إحالة جميع القضايا المتعلّقة بما ينشر في الصحف والمجلات إليها، وذلك توحيداً للإجراء وقطعاً لتنازع الاختصاص، إلاّ أننا كإعلاميين نستغرب صمتها حين تتدخّل جهات أخرى وتنظر في المخالفات الصحفية التي هي من اختصاص لجنة وزارة الثقافة والإعلام دون أن تتحرك.
وهو ما يتطلّب قراراً يمنع المحاكم المثقلة بهمومها وكذلك اللجان الأخرى، من النظر في قضايا الإعلام والإعلاميين وإحالتها للجنة المخالفات الصحفية، من أجل تفعيلها كمرجعية قانونية وحيدة ومخوّلة النظر في قضايا المخالفات الصحفية والإعلامية. بقي أن أسأل في السياق السابق كله، أين هيئة الصحفيين السعوديين؟!.