يبدو أن العمل القضائي والقطاع القضائي مقبلان على مرحلة كبرى من التطوير والتحديث والتجديد في أنظمته ولوائحه كافة.. وأنه إزاء تنظيم وتقاسم صلاحيات وتوسيع دوائر التقاضي (المحاكم) وتقسيمها حسب التخصص ووضع ضمانات للمتقاضين والاستفادة من كل جديد.
** ونحن نعلم ونسلِّم مسبقاً.. أن القضاء لدينا قضاء شرعي نابع من الشريعة الإسلامية.. ويتقيد بأحكام الشريعة، وهي ثابتة لا تتغير ولا تتبدل.. ولكن التجديد والتطوير هو في الإجراءات والتنظيمات وتسهيل أمور الناس وتبسيط اللوائح.
** والذي يقرأ نظام القضاء أو نظام ديوان المظالم أو نظام المرافعات أو نظام الإجراءات الجزائية أو نظام المحاماة أو الأنظمة التي صدرت عن وزارة العدل في السنوات الأخيرة.. يدرك بالفعل أن العمل القضائي يتجه إلى التجديد والتطوير والتحديث في الإجراءات، وأنه يتم تقييم الأداء بشكل مستمر.. ولو أخذنا مثالاً على ذلك فإن أنظمة المرافعات الشرعية أمام المحاكم والإجراءات الجزائية والمرافعات أمام ديوان المظالم.. هي اليوم تُدرس وتعاد غربلتها.. حيث مرَّت حتى الآن بأكثر من دائرة مختصة.. مثل هيئة الخبراء بمجلس الوزراء ومجلس الشورى وقطاعات أخرى تُسهم الآن في إعادة صياغتها حسب متطلبات المرحلة.. مثل وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى وهيئة التحقيق والادعاء العام ووزارة الداخلية والمحامين أنفسهم وعدد من القضاة وقطاعات أخرى.. لها مسيس بالعمل القضائي.. وبالتالي فالإجراءات القضائية هي في مرحلة غربلة وتجديد وتحديث. وكلنا يعلم أيضا أن القضاء يمثل واجهة مهمة لأي بلد؛ فالقضاء فوق أهميته داخل البلد نفسه فهو أيضاً مهم بالنسبة إلى الآخرين.. وأبسط هذه الأمور أن للقضاء تأثيراً على النمو الاقتصادي، بل وتأثير مباشر.. فرجال الأعمال والمستثمرون لا يقدمون عادة على ضخ أموال كبيرة ما لم يدركوا أن هناك قضاء سينصفهم ويأخذ حقوقهم.. وهكذا المستثمر الأجنبي يسأل عن القضاء وإجراءات نظام التقاضي قبل أن يضخ ريالاً واحداً في الدولة المستهدفة.
** ونحن ندرك أيضاً أننا نملك بفضل الله أفضل وأنزه وأصدق قضاء في العالم؛ ذلك لأنه يطبق أحكام الشريعة الإسلامية السمحة، وهي أدرى بمصالح الناس.. وهي أرأف بالناس من أنفسهم؛ لأن هذا تشريع إلهي ووحي منزَّل.. وهذه البلاد بفضل الله تتمسك به ولا تحيد عنه.
** ثم إن لدينا أيضا قضاة هم بشهادة العالم كله من أفضل القضاة في العالم، سواء الموجودون داخل وزارة العدل أو ديوان المظالم، غير أن هناك تساؤلاً ما زال يُساق الآن حول مصير لجان التقاضي والترافع بكل درجاتها التي تعمل الآن داخل كل من وزارة التجارة ووزارة العمل ومؤسسة النقد ومصلحة الجمارك وجهات أخرى مشابهة لديها قضاة وقضايا وترافع ومحاكمات وجهات تمييز وتدقيق وأحكام تصدر وأحكام تميز.
** كيف سيكون مصير هذه اللجان القضائية؟! هل ستحول إلى المحاكم المتخصصة كالمحاكم التجارية مثلا؟ أم أن هذه اللجان ستبقى تمارس دورها القضائي إلى جانب المحاكم المتخصصة؟
** النظام الجديد.. نصَّ على إلغاء هذه اللجان وإنهاء عملها وضمها إلى المحاكم المتخصصة - كما يظهر - ولكن هناك سؤالاً آخر يقول.. ما مصير المستشارين السابقين.. وهم القضاة الفعليون في هذه اللجان؟
** هل سيلحقون بالسلك القضائي ويدخلون هذا السلك ويلحقون بالمحاكم المتخصصة كقضاة؟ أم سيبقون مستشارين في جهات عملهم؟
** هل هناك آلية معينة لاستيعاب هذه اللجان والعاملين فيها؟
** ثم إذا دخل هؤلاء المستشارون والقضاة في اللجان المتخصصة.. إذا دخلوا ميدان السلك القضائي وصاروا قضاة هل ستنتهي قضيتنا ومعاناتنا التي نلوكها منذ سنين.. إن لدينا عجزا كبيرا في عدد القضاة حيث تقول الإحصائيات: بأن لدينا فقط حوالي ألف قاضٍ والمطلوب ما لا يقل عن خمسة آلاف قاض؟
** هل.. إذا دخل أعضاء تلك اللجان بكل درجات مثقفيها إلى السلك القضائي سيرفعون العدد والنسبة وتنتهي مشكلة عدد القضاة؟
** ما مصير هذه اللجان والعاملين فيها؟
** هل ستنتقل هذه اللجان كاملة أم ستموت داخل الجهات المعنية؟