Al Jazirah NewsPaper Wednesday  28/10/2009 G Issue 13544
الاربعاء 09 ذو القعدة 1430   العدد  13544
التطوير الفردي غير الشامل وتوليد العقارات العاقرة
د. عقيل محمد العقيل

 

يعلم كل من له صلة بالتطوير العمراني أن التطوير الجزئي الفردي غير محدد الاستعمالات والمدة يولد مشاكل لا حصر لها ومنها تهالك قيمة العقارات بمرور الزمن، وتهالك الطرق من تكرار الحفر والدفن والرصف بدون معايير لإيصال الخدمات وما ينتج عن ذلك من تهالك للسيارات وأضرار صحية تصيب الأشخاص على اختلاف حالاتهم، وتلوث الهواء نتيجة الغبار المتطاير من حركة المعدات الثقيلة التي تحفر وتدفن وتنقل مواد البناء ومخلفات البناء إضافة لما تحدثه من تلوث سمعي يتمثل بالضجيج الذي يجعل الساكن لا يهنأ بالسكن، والتلوث البصري حيث الردميات والمخلفات والبناء على المكشوف دون سواتر وكأن سكان الحي يعيشون في ورشة بناء، وتحول طرق الأحياء الداخلية لطرق حركة مرورية رئيسية لارتباطها بالطرق الرئيسية بأكثر من عشرة مداخل ومثلها من المخارج.

أيضا يفقد الساكن في هذه الأحياء الخصوصية حيث الشعور بأنه في وسط المدينة بمجرد خروجه من منزله فلا متجاورات خاصة تتوسع لعدة متجاورات (قطع منفصلة) ثم كامل الحي الذي يرتبط بالطرق الرئيسية بمدخلين ومخرجين لا أكثر، كذلك حركة الغرباء غير المنتهية من عمالة ومقاولين وسيارات نقل وعابرين أما مخاطر المشي على الأقدام فحدث ولا حرج فلا أرصفة واسعة ومنارة ومشجرة ولا فصل لحركة المشاة عن حركة السيارات ولا اتصال بين المساكن ومركز الحي ولو شئتم لكتبت كتاب كامل في سلبيات ومشاكل هذا النوع من التطوير خاصة وأن اعتمد المخطط الشبكي الذي هجره الغرب من الستينات ولا زلنا لا نستطيع منه فكاكا.

نحن على أعتاب ربط القطاع العقاري بالقطاع المالي من خلال نظام الرهن العقاري الذي يؤصل لإصدار صكوك مليارية مدعومة بالأصول العقارية وصناديق عقار استثمارية متعددة الصيغ ولا مناص من هذا التوجه إذ لا يمكن أن نصرف ثرواتنا المالية في العقار ثم نميتها, فهي أصول رأسمالية يجب أن نجد الطريقة المناسبة لتلقيحها لتولد أصولا رأسمالية أخرى ومالا معا, كما هو الوضع في الدول المتقدمة. ولكن السؤال هل تلد الأصول العقارية المتهالكة القيمة نتيجة تطويرها فرديا في أحياء غير متكاملة مطورة جزئيا غير محددة مدة الاكتمال وغير محددة استعمالات الأراضي حيث المفاجآت سيدة الموقف؟ أجزم بأن مثل هذه الأصول أصولا عقارية عاقرة لا تلد وإن ولدت فإنها تلد أجنة هلامية مشوهة ولا خيار لنا سوى التوجه إلى التطوير المؤسساتي الشامل محدد المدة والاستعمالات لإيجاد الأصول الولود المتعاظمة القيمة، ورغم أني أرى شركات نادرة تقوم بذلك اليوم إلا أنها وبكل تأكيد غير كافية وعلينا تشجيع المطورين على التوجه لهذا النوع من التطوير من خلال حزمة من المحفزات وبشكل عاجل وكفانا معاناة من مشاكل التطوير الجزئي الفردي التي أهلكت أموالنا وقطعت أواصرنا الاجتماعية وسلبت راحتنا وأضرت بصحتنا وعززت فرص سرقة منازلنا وأهلكت سياراتنا.

****



alakil@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد