الحاسة الربحية تتصاعد خفقاتها كلما طرأ في المجتمع البشري ما يحرضها، وقديماً قيل (مصائب قوم عند قوم فوائد)؛ فشركات الأدوية تتبارى لكل وباء, تماماً كما تتبارى شركات البناء بعد الحروب ودمار المدن, تفعل ذلك كل حاسة تمتد أطراف أنوفها في تلافيف الأنسجة عند كل موقف، وفي أي مضمار, فالربحية المادية شعار العصر وإن كان الإنسان بطبعه ميالاً للاقتناء ورفع سقف رأس ماله..
لكن رؤوس الأموال ليست وحدها قيد المعدن والورق ذي التغطية القيمية، أو ما يُسمى النقود, هناك رؤوس أموال من الضرورة لمؤسسات مجتمعية ناجحة أن تحرص على رفع مستوى سقفها ربحياً، لأن نواتجها هي تلك السلمة للنجاحات العديدة..
فإدارات العلاقات العامة في كل مؤسسة ودائرة وجامعة ومدرسة، بل في البيوت وبين الأفراد محور ربح أو خسارة.. لذلك حتى هذا العلم أو مجالاته التنظيرية وأساليبه التطبيقية لم تنج من أنوف حواس الربح المادي.., والدليل الأكبر ما تضخه المطابع من كتب تدور في أمره تجدها أول ما يستقبل عينيك في المكتبات التجارية وآخر من يودعهما, باختلاف مستوى المكتبات انتشاراً وسعةً وخدميةً أو محدوديةً وتواضعاً، بل هي بذلك تحقق ربحيتين إحداهما للناشر والمؤلّف والأخرى للبائع والمستقطب، وكل الدوافع إليها غوصاً في ماء بحر الحاجة والثقافة المشاعة هي دوافع مادية ربحية تتوافق وإيقاع هذه الثقافة المشاعة..
غير أن العلاقات العامة خلق ودربة سلوك واعتياد على أبجدياتها في هذا السلوك، ولأن الأخلاق مكنون عقلي ونفسي ومعرفي وقيمي تسمو في وعاء عقدي، وترقى بمبادئها، وتصفو بالإيمان بها فلا تحتكم لربحية مال، بل لربحية انتشار وبربحية مقابلة في العلاقات العامة بإفادة التبادل في مصلحة الطرفين.. العامل والمتعامل معه..
في الشارع كما في المصحة كما من خلف الهاتف كما على الورق كما عند المواجهة تتطلب العلاقات العامة الانطلاق من هذا المكمن لمد جسور الربحية في النجاح ببلوغ الأهداف من ورائها في عمل وإنتاج وتبادل, تأتي ثمارها أرصدة البنوك على أنواع، الأبقى منها ليس ما تختزنه بنوك المال..
ولكم فكرت وأنا أعبر الشارع فتقع عيني، وتلتقط أذني أصواتاً شتى لأنواع أنوف الربحية، في أي الميزانين أثقل..؟