Al Jazirah NewsPaper Tuesday  27/10/2009 G Issue 13543
الثلاثاء 08 ذو القعدة 1430   العدد  13543
قراءة في نتائج الانتخابات التونسية

 

جاسر الجاسر - تونس

تدخل تونس اليوم مرحلة جديدة في مسيرتها الاقتصادية والتنموية والاجتماعية والثقافية بعد صدور نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية، والتي تمثلت بفوز الرئيس زين العابدين بن علي بالانتخابات بنسبة 89.62 في المائة وحصد حزبه المقاعد الأكثر في مجلس النواب التونسي.

وقد جاءت نتائج هذه الانتخابات كما توقعتها - الجزيرة - لصالح الرئيس بن علي نظراً لالتفاف الشعب حول قيادته ووفق برنامجها الانتخابي الذي جاء حاملاً لشعار: معاً لرفع التحديات؛ فتحدي المرحلة الحالية هو الهدف الأسمى الذي قامت الأجيال المتعاقبة في تونس بمواجهته لبلوغ الأهداف الوطنية والقومية التي ينتهجها الرئيس عبر سياسته الهادفة والبناءة في مختلف الصعد، خاصة وأنها انتصرت لخيارات قيم الوسطية والاعتدال والتضامن الفكري والإنساني وحقوق الإنسان، وقيم المعرفة والنهوض بالمرأة وإبلاء الاهتمام بالشباب البالغ عددهم حوالي مليون شخص من أصل عشرة ملايين ينخرطون في مجالات العلم والبناء والتنمية.

فإحراز الرئيس التونسي لهذه النسبة الجيدة من النتائج يؤكد لنا أن هذه الانتخابات التي تابعتها الجزيرة في عدد من المناطق قد سارت بكل شفافية ونزاهة وديمقراطية دون أي تدخل خارجي، حيث ساد العملية الانتخابية الهدوء التام وإجراءات مراقبة شد في المناطق المتعددة للحؤول دون وقوع أية مشاحنات بين المقترعين من المؤيدين والمعارضين.

لقد أسس البرنامج الانتخابي للرئيس زين العابدين بن علي (معاً لرفع التحديات) استراتيجية جديدة للعمل التنموي بمستوياته وأبعاده المختلفة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، أسهمت فيها كل القوى الفاعلة على الساحة الوطنية وفي مختلف الجهات.. حيث أفرد الرئيس التونسي خلال برنامجه الذي قاده حزب التجمع الدستوري الديمقراطي للخطة الخمسية المقبلة سياحة أكدت على مبدأ تكافؤ الفرص، وبأن التنمية يجب أن تكون عادلة ومتوازنة بين مختلف الجهات وتتلاقى في أهدافها مع الأولوية الوطنية للتنمية الشاملة وحقوق الإنسان.

لقد لاحظت خلال جولاتي على مقار الانتخابات التونسية في العاصمة أو جربا أو صفاقس أو بنزرت وجود مساحة واحدة من العرض لكل الأحزاب لبياناتهم عبر الصحف والإذاعة والتلفاز، حتى إن بعض المسؤولين ليشيرون إلى أن الخطأ الذي أودى بإقالة وزير الاتصال السابق، وعدم نشره بياناً لأحد الأحزاب ضمن السياسة التي حددها الرئيس زين العابدين.. وهو ما برره الوزير السابق بأنه (نسيان فقط) الأمر الذي أدى إلى أن يتم تعيين وزير خلفاً له لكون الرئيس يريد أن تسير هذه الانتخابات بكل يسر وبدون انحياز لأية جهة أو طرف ما لتعزيز التعددية وقيم التضامن بين جميع أفراد الشعب التونسي.. فقد كان واضحاً من خلال هذه الحملات أن الحملة الانتخابية للتجمع الدستوري لقيت التجاوب الشعبي والإقبال الواسع اللذين شهدتهما قائمات المرشحين للانتخابات التشريعية في كل الجهات، وهو تجاوب يعاضده - كما لمست - وفاء شعبي كبير للرئيس زين العابدين بن علي الذي يحظى بمنزلة رفيعة وراسخة في نفوس ووجدان كل التونسيين الذين ما انفكوا يعبرون في كل الجهات الشعبية.. خاصة وأن الإعداد لهذه الانتخابات اتسم بنشاط كبير لمناسبة مرور (22) عاماً على سياسة التحول والتغيير، التي ركزت على الهوية باعتبارها المقوم الأصلي والأساسي للكيان والتاريخين العربي والإسلامي لتونس.. حيث أكد الرئيس التونسي في خطابه الأخير على أن بلاده (ستحافظ على حسن علاقاتها وتعاونها في كل الدول لا سيما الدول الشقيقة والصديقة.. كما أعلن احترامه للتعهدات والالتزامات الدولية وسنعطي تضامننا الإسلامي والعربي والإفريقي والمتوسطي المكانة التي يستحقها، وسنعمل بخطى ثابتة على تجسيم وتعظيم وحدة المغرب العربي الكبير في نطاق المصلحة المشتركة..!!).

فالمشهد الانتخابي تونس 2009 كما لمسته أكد أن الانتخابات سارت بكل حرية ونزاهة وسلاسة وشفافية، وأن الفعل الحزبي المنظم والذي قاده حزب التجمع الدستوري تميز بالخطاب الهادئ والرصين الذي شخص توجهات الواقع واستشراف المستقبل للعمل السياسي والمساهمة في الشأن العام بغية تغيير وإصلاح وتحديث الأجهزة وإثراء منظومة النجاحات المتلاحقة لزيادة التأصيل في الواقع التونسي المتطور بإطراد، وما يتطلبه من ضرورة كسب رهانات الجودة والتنافسية ومن تنمية متزايدة واستفادة اندماجية من نتائج البحث العلمي والتقدم التكنولوجي وتوثيق التلازم بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي وتحفيز حركة التنمية الوطنية المستدامة عبر تنشيط جاذبية البلاد الاستثمارية ودعم القطاعات الاقتصادية وتكثيف الخدمات التي تحقق للشعب التونسي مقارباته الراقية للأبعاد السياسية بغية تجسيد سياسة التغيير، انطلاقاً من منح الوفاء والدعم والتأييد لصانع ربيع تونس، ومراهنته المتزايدة وعلى قائمته الانتخابية وعلى دور حزب التجمع في رفع تحديات العصر وكسب رهانات المناعة والازدهار والاشعاع على مر الأجيال.

فهذه الانتخابات والتي أكدت فوز المعارضة بنسبة زادت عن الماضي بصورة ملفتة للنظر تجعل من المرحلة المقبلة وقفة لمزيد من التفاهم والتعاون بين أركان الحكومة والمعارضة لمواجهة التحديات بكل حكمة وروية في الوصول إلى مرفأ الأمان والاستقرار السياسي والاقتصادي.. هذه السياسة الناضجة التي اتسمت بالتروي والاعتدال والحكمة والاستشراف.. سياسة ناضجة واعية تعتمد على استثارة أهل الفكر والاختصاص حول المسائل المصيرية التي تمس حياة المواطنين وبشكل يومي.

فالواقع أن إعداد البرنامج الانتخابي لحزب التجمع والذي كان مدعوماً بكل الوثائق للإنجازات والخطط المستقبلية ونظراً لدور هذا الحزب الكبير في مقارعة الاستعمار وبناء تونس، لذلك فقد كان نصيبه النجاح بقيادة رئيسه زين العابدين بن علي وهو الذي برهن عن جدارته المطلقة من خلال ما حققه من إنجازات ومكتسبات رائدة للشباب والمرأة، وتجذير قيم المواطنة وحقوق الإنسان ودعم المواطنين والتركيز على مجمع ديمقراطي تعددي ليكون الضمانة الأساسية والحاضنة لتونس تبقى محطة مضيئة في تاريخ تونس ومناسبة لتأكيد صلابة البناء الديمقراطي التعددي لمواصلة مسيرة هذا البلد وقيادته نحو مزيد من التطور والتقدم، وإقامة المشاريع الاقتصادية الطموحة التي أعدها الرئيس التونسي ضمن سياسة حزب التجمع الدستوري لتوفير الأمن والاستقرار والرخاء والرفاه بين شعب تونس الذي محضه حبه وتقديره الكبيرين، فكانت هذه النتائج العملية والجادة للانتخابات التي جرت بكل شفافية ونزاهة وديمقراطية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد