Al Jazirah NewsPaper Monday  26/10/2009 G Issue 13542
الأثنين 07 ذو القعدة 1430   العدد  13542
الاحتراف الإداري
سلطان الدوس

 

الاحتراف في مفهومه العلمي ومدلوله المنهجي هو التفرُّغ للمهنة، بل هو عملية تكاملية تشمل الأضلاع المكونة لهذه المنظومة.. ففي الدول المتحضرة رياضياً والمتقدمة كروياً يلاحظ أن الاحتراف لا يقتصر على نمط وفئة اللاعبين فقط.. بل يشمل كل من يعمل داخل دهاليزها من إداريين ومحاسبين وقانونيين.. إلخ، فمثل هذا التوجه الاحترافي المطلوب لا شك يعطي العمل خاصية الإبداع ويعزز من سلوك ومنهج التنظيم والتطوير والتخطيط والمتابعة، علاوة على القدرة في ضبط وإتقان وتحسين الإنتاج. وأتصور من أسباب تأخرنا احترافياً اقتصار تطبيق النظام على فئة اللاعبين فقط، وهنا تكمن الإشكالية؛ فاحتراف الإداريين بالأندية ما زال مغيَّبا؛ لذلك من الطبيعي أن نلاحظ المشكلات المالية والإدارية لمعظم هذه الأندية التي تأخذ منحى التكرار والتزايد؛ والسبب غياب الفكر الاحترافي والتخصص الذي يستطيع النهوض بالعمل بصورة أكثر رقياً وتميزاً.. قد يتفق معي الكثير في الواقع الحالي الذي تعيشه أنديتنا الرياضية والمتمثل في أعضاء مجالس إدارة الأندية، وهم في الغالب شباب متطوع اقتحم الكثير منهم هذا المجال الخصب من أجل تحقيق أهداف ومصالح شخصية وبعقلية هاوية بعيدا عن العمل الاحترافي المنشود الذي يرتكز على الفكر والتخصص والتدريب والتنظيم؛ لذلك يفترض أن نميز بين العمل التطوعي والعمل الاحترافي في أروقة الأندية.. وهنا مربط الفرس..!!

والعمل التطوعي هو خدمة تُقدَّم من رغبة شخصية قد تكون فيها نوع من المزاجية والأهواء، وقد تنسحب تحت بند من بنود الخلافات الإدارية، وقد تُحنَّط في موقعها وتتقوقع في دائرة الإفلاس الفكري والثقافي نتيجة افتقارها إلى مقومات النجاح من مهارات فكرية وتنظيمية وعلمية، فضلاً عن التخصص المطلوب في سوق العمل داخل أروقة الأندية، وهو ما تفتقده أنديتنا في حقيقة الأمر؛ إذ يلاحظ أن واقع معظم الأندية الكبيرة على وجه التحديد ما زال سلوك الاجتهادات والفوضوية والتخبطات المالية والإدارية هو السمة البارزة داخل دهاليزها، بل هي بعيدة عن أصول وقواعد الاحتراف المتعارف عليها دولياً.

وعلى النقيض من ذلك نجد أن العمل الاحترافي المستند إلى المنهجية العلمية والإبداع المعرفي والتفرغ الذهني.. يساعد وينمي القدرة على صنع القرار المتمخض من عملية التخطيط العلمي المدروس ومن صياغة وصناعة الاستراتيجيات المطلوبة، وبالتالي يضمن النهوض بالعمل الإداري إلى أرقى الأهداف المنشودة.

** إن معظم أنديتنا ما زالت القناعة العاطفية تسيطر على كثير من قراراتها وأعمالها وطريقة تفكيرها؛ والسبب أن غالبية الأندية حين يتم اختيار رئيس للنادي فإنه - أي الرئيس - يُحضر معه فريق عمل عادة ما يكون من الأصدقاء وبعض اللاعبين السابقين أو أسماء معينة تُفرض على الرئيس من مجالس الشرف الخاصة بتلك الأندية، على الرغم من أن الكثير منهم لا يملك الخلفية الإدارية لضحالة ثقافته الإدارية أو المالية، وهذه الطريقة لا شك شكَّلت أحد الأسباب الجوهرية في تخلفنا الإداري في معظم الأندية إن صح التعبير.. ومتى ما أردنا الوصول إلى مستقبل مشرق في الرياضة فعلينا قراءة واقع العمل الاحترافي؛ حيث من المفترض أن نطبق الاحتراف المتكامل بدءاً من اللجان العاملة في الأجواء الاحترافية مروراً بالإداريين الذين يشكلون حجر الزاوية في عملية التطور والتطوير، إضافة إلى تفرغ الحكام لمهنتهم، وأعتقد أن احتراف قضاة الملاعب بات مطلباً ملحاً كما هو الحال للإداريين، ساعتها سيكون عندنا احتراف منضبط وفكر متفرغ وتفاعل إيجابي سينعكس على واقع العمل الرياضي الاحترافي في المؤسسة الرياضية؛ وبالتالي سنختصر المسافة والزمن لبناء احتراف رياضي شمولي أكثر رقياً ونضجاً وتطوراً.. والله الموفق.

* * *

** التخبُّط الإداري الذي يعيشه نادي الرياض حالياً وهزيمة الفريق من نادي حطين بخمسة أهداف كشفا المستور عن الحال المتردي الذي يعيشه النادي المخضرم.. وهذا مؤشر خطير سيقوده إلى الهاوية إذا لم يتدارك (العقلاء) الوضع وأعادوا المدرب الوطني خالد القروني لتدريب الفريق.. قبل فوات الأوان؛ ولأن المكابرة والتعنت ليسا في صالح المدرسة.

الأمين العام لنادي الرياض ومسؤول احترافه سابقاً



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد