Al Jazirah NewsPaper Monday  26/10/2009 G Issue 13542
الأثنين 07 ذو القعدة 1430   العدد  13542
الفيصل ضيفاً على الفيصلين: تعانق الوطن والتاريخ في أرض القصيم
الدكتور فهد العبري

 

لم تكن ليلة عادية بكافة المقاييس؛ حيث اختلف مفهوم الزمان واختلف مفهوم المكان، بل استشعر الإنسان في هذه الليلة شعوراً نادراً يتعانق فيه التاريخ بالوطن؛ فالزمان لم يكن يعني حاضر تلك الليلة؛ بل كان الحاضر يفخر بحلة الماضي المجيد وهو يخطو خطواته الواثقة نحو المستقبل الزاهر بإذن الله. ولم يكن المكان في تلك الليلة يعني عاصمة القصيم بريدة فحسب؛ بل في تلك الليلة الخالدة وفي هذه المدينة الجميلة أصبح المكان يعني الوطن كله بجهاته الأربع وهو يتواجد في حضن هذه المدينة الفريدة. أما الإنسان، وما أدراك ما الإنسان، فلم يعد يرى نفسه ذلك المتقوقع في هويته المناطقية الضيقة أو هويته القبلية؛ بل أصبح يرى نفسه ذلك المواطن السعودي الذي من حقه أن يفتخر بهذا الوطن الغالي على ما قدمه إليه وما يقدمه.

الضيف لم يكن مجرد زائر عابر؛ بل كان وطناً وأمة وتاريخاً، إلى الحد الذي جعل الكثير من مؤرخي العالم يرون فيه شخصية عالمية نادرة التكرار. إنه شهيد الأمة صاحب الجلالة المغفور له بإذن الله الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله.

والمضيف ليس مجرد مضيف؛ بل هو رجل دؤوب يتفانى في خدمة المنطقة التي يحكمها، استطاع أن يخترع فن الإدارة بالابتسامة والحب؛ فنجح في جمع شتات المنطقة التي يحكمها، وخلق منها قصيماً واحداً يتفاعل مع قضايا وطنه بطريقة تكاد تكون نادرة. وكان ساعده الأيمن صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن عبدالعزيز مشاركاً في استقبال الزائر الكبير، بتناغم قلما نشاهده. هذا التناغم بين صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة القصيم ونائبه صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن عبدالعزيز آل سعود يمكن أن نراه في رد سمو النائب عندما سأله محرر جريدة الجزيرة كيف وجد العمل مع صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة القصيم؟ فأجاب سموه بقوله (وجدت العمل مع سموه مختلفاً وبكل المقاييس.. فالأمير فيصل بن بندر شخصية متفردة في الحس الوطني المتأصل، والعمق الإداري المتميز.. يملك قدراً كبيراً من الحضور الذهني والذكاء, لديه صورة استشرافية غاية في الوضوح والطموح في آن واحد. الأمير فيصل بن بندر يقيّم الحالة تقييماً واقعياً.. رجلٌ يملك تأكيداً كبيراً في صمته وأثناء حديثه، يختار الوقت المناسب في النقاش، يغلق الملف الموعد دونما زيادة أو نقصان.. سمو الأمير فيصل - حفظه الله - يمتاز بحسن الإصغاء وتفهم الطلب والحِلم والأناة.

كما أن سموه دائماً وأبدأ يركز على التثبت الكامل في الطرح والمطالبة.. قياسات سموه الكريم كمية وليست نوعية.. أنا شخصياً أستفيد من سمو الأمير فيصل في كثير من آرائه وتوجهاته وتوجيهاته).

أما الحدث فهو معرض (الفيصل: شاهد وشهيد) الذي استقبلته منطقة القصيم بأميرها المحبوب ونائبه ووجهاء المنطقة ومثقفيها وشبابها؛ فكانت حرارة الاستقبال دليلاً رائعاً على الالتفاف حول القيادة؛ حيث كانت القصيم المحطة السادسة لهذا التاريخ الحافل. حيث يهدف هذا المعرض إلى التعريف بحياة الملك فيصل بن عبدالعزيز، ويتناول المعرض أبرز معالم سياسة الملك الثالث في عهد الدولة السعودية الثالثة وحياته الخاصة، ويتناول كذلك صوراً نادرة ومشاهد تاريخية طوال حياته المليئة بالتحولات التاريخية على المستويين العربي والعالمي. كما يحتوي المعرض على معلومات موثقة بالصور عن رحلات الملك فيصل، ومواقفه السياسية إزاء العديد من القضايا المحلية والإقليمية والعالمية. وكذلك هناك العديد من الصور الفوتوغرافية النادرة للملك فيصل خلال سنوات حياته المختلفة، بالإضافة إلى مشاهد متحركة ولقطات فيديو تسجل مراحل متعددة من مسيرة الملك الراحل. وهناك عرض لبعض المقتنيات الخاصة لجلالته، وعدد من المخطوطات والنصوص المكتوبة. ويوفر المعرض عدة خطب نادرة للملك فيصل، وتسجيلات لأول مرة لمشاهد خاصة خلال لقاءاته مع المواطنين التي تكشف من خلالها مدى قرب الملك فيصل من شعبه وتعرفه عن كثب على مشاكلهم وتلمسه احتياجاتهم.

إن مثل هذا المعرض المتنقل لهو إحدى أهم القنوات الهادفة إلى ربط المواطن ولاسيما فئة الشباب بالوطن. ومن هنا تسهم هذه المعارض وبلا شك في تقوية الانتماء الوطني في نفوس المواطنين. ومن المهم في هذا الصدد أن تنظم رحلات طلابية للمعرض من قبل إدارات التربية والتعليم لتعريفهم بالتاريخ السياسي والاجتماعي والديني للملك فيصل، بحيث لا ينته هذا المعرض إلا وقد زاره جميع الطلبة والطالبات دون استثناء. يقول أمير منطقة القصيم بعد إطلاق المعرض مساء الثلاثاء الماضي في مركز الملك خالد الحضاري في بريدة: (إقامة مثل هذه المعارض تمثل للجميع مرجعا مهما، ولاسيما للأبناء والبنات)، وآمل أن (يكون المعرض نافذة للجيل الحالي). وهذا ما نأمله جميعاً.



* Alabri3@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد