Al Jazirah NewsPaper Monday  26/10/2009 G Issue 13542
الأثنين 07 ذو القعدة 1430   العدد  13542
بداية العام والإنفلونزا واللقاح
فهد بن عبدالعزيز الأحمد

 

وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية جهاز عالي الكفاءة، حظي مسؤولوه بثقة ولاة الأمر في هذه البلاد، وأنا أعتقد جازماً ألا خلاف على مستوى الكفاءة والمسؤولية التي تتمتع بها الأجهزة الصحية في المملكة، والمجتمع يضع ثقته دائماً بالجهات الصحية ليس من خلال الفكر الذاتي المجرد، بل من خلال التوجهات الجمعية للمجتمع، وهذه الثقة نتيجة طبيعية لما تتمتع به أجهزتنا الصحية ممثلة في وزارة الصحة من اعتمادية وثقة وكفاءة، ولهذا فأنا أعتقد أن معالي وزير الصحة عندما يؤكد أن لقاح إنفلونزا H1N1 آمن، ويبادر إلى أخذ جرعة اللقاح، عندما يكون الأمر على هذا الشكل فأنا أعتقد أن ثمة رسالة تطمين وثقة واضحة لا تحتاج إلى مزيد من الشرح والتوضيح.

وإذا كنا نوقن بأن بلادنا - حفظها الله - حرصت على توفير اللقاح من منطلق الواجب الوطني تجاه جانب الوقاية والرعاية الصحية، فإن فكرة الحصول على جرعة اللقاح تبقى قراراً اختيارياً غير ملزم؛ فاللقاح متوافر ومتاح، وفرصة أخذ الجرعة متاحة لكل طالب، لكن يبقى قرار ورؤية ولي أمر الطالب في حصول ابنه على الجرعة أو الامتناع عن أخذه خياراً ذاتياً نابعاً من رؤيته الشخصية، وهذا ليس نابعاً من عدم ثقة بتقييم اللقاح أو كونه آمناً، لكنه نابع من توفير جو المشاركة المجتمعية في التحصين ضد هذا الوباء، بحيث يقدم ولي الأمر على اتخاذ قراره بناء على قناعة كاملة ووعي تام بأهمية هذا اللقاح وحاجة ابنه إليه.

أما ما يتعلق بموقف أولياء الأمور من اللقاح وتقبلهم له فإن هذا الأمر من الصعب الحُكم عليه قبل أن يكون اللقاح أمراً فعلياً، فالناس حالياً في وضع ترقُّب بسبب الرسائل المزدوجة التي يتلقونها، لكنني أتوقع أن الناس سيشعرون بالاطمئنان والثقة ولاسيما بعد رسائل التطمينات الإيجابية من معالي وزير الصحة.

من المؤكد أن المجتمع حساس عندما يتعلق الأمر بصحة أفراده، لكن التعاون المثمر بين وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم نجح في إلغاء حالة الهلع والتوجس التي كان يمكن أن ترافق بداية العام، ونجحت المدارس في توفير بيئة آمنة صحياً، وفي بث الاطمئنان في نفوس أولياء الأمور؛ ما جعلنا نشهد بداية متميزة وطبيعية وجادة، حيث لم تؤثر مخاوف المرض وانتشار الوباء في مستويات الانتظام، ولاحظنا أن ثقة المجتمع وأولياء الأمور بالجهات التربوية والصحية كانت أكبر من مخاوف المرض، ولهذا فإن ثقة المجتمع بالتربويين و بالكفاءات الصحية الوطنية ستبقى أكبر من كل ما يثار عن اللقاح، وسيبقى خيار الحصول على الجرعة وعدمها خياراً ذاتياً متاحاً.

في هذا المقام، ومن باب إحقاق الحق، فإن الجهد المبذول من قبل وزارة الصحة وأجهزتها الفنية والإدارية للقيام بكافة المهام التي تتجه للتعاون مع وزارة التربية والتعليم وإداراتها والأجهزة التربوية والتعليمية في المدارس من خلال آلية تعاون وثيقة اتخذت ثلاثة اتجاهات:

أولها: الجهد التوعوي الموجه نحو الطلاب أولاً، ثم إلى المحيط الاجتماعي للمدرسة من خلال توجيه رسالة موازية لأسر الطلاب وللمجتمع بكل ما تدعو الحاجة لمعرفته حول المرض وأعراضه، وطرق الوقاية، وكافة المفاهيم الصحية والوقائية المرتبطة به.

وثانيها: حزمة الإجراءات المصممة للوقاية من المرض، وتهيئة المدارس بما يكفل لها أن تكون بيئة آمنة وصحية للطلاب والطالبات، ورفع كفايات البيئة المدرسية من خلال توفير المعرفة أولاً، ثم المواد الوقائية اللازمة، وتقديم المهارات اللازمة للمعلمين للتعامل مع المرض وأعراضه من خلال تقديم جهد تدريبي موجَّه ومنظَّم وفعّال يُعنى بتوفير الثقافة والمهارات اللازمة لبناء فريق عمل قادر على تقديم كل ما يلزم لهذا الغرض.

وثالثها: إقامة قنوات اتصال وتعاون واضحة الأدوات محددة الأهداف بين المدارس والمراكز الصحية و الأجهزة الصحية بهدف محاصرة بؤر انتشار المرض وتقديم ما يلزم للوقاية والعلاج عند الحاجة.

لقد كان من شأن هذا أن يوفر جواً صحياً، وأن تتم محاصرة انتشار المرض في أضيق نطاق ممكن، إضافة إلى توجيه الطلاب وبذل جهد مضاعف لتعويدهم بالعادات الصحية الإيجابية، وهو الأمر الذي نجحت فيه إدارات المدارس بصورة مميزة، ورأينا سلوكيات الطلاب، وعنايتهم بالعادات الصحية التي تم توجيههم نحوها، كما أن التوجيه باتخاذ الإجراءات التي تحد من التجمعات الطلابية وتكوين البيئات المزدحمة التي تزيد من احتمالات انتقال الفيروس المسبب للمرض كان له أثر مواز.

وبشكل عام، فإن مستوى التنسيق والتعاون بين كافة الأجهزة المعنية بهذا الأمر كان مثمراً وفعالاً وناجحاً، وهو الأمر الذي يجعلنا نتفاءل بمزيد من النجاح والأمن الصحي الذي ستبقى المدارس قادرة على تأمينه لطلابها في ظل التوجيهات الكريمة والعناية الإيجابية التي يبذلها سمو وزير التربية والتعليم تجاه مفهوم الصحة المدرسية ومراجعة أوضاعها.

- المدير العام للتربية والتعليم بمنطقة القصيم



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد