Al Jazirah NewsPaper Monday  26/10/2009 G Issue 13542
الأثنين 07 ذو القعدة 1430   العدد  13542
ملك الإنسانية ورائد التعليم
د. سليمان بن عبدالرحمن الزهير

 

بادئ ذي بدء وبمناسبة تفضل خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- بافتتاح جامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للعلوم والتقنية هذه الجامعة المباركة التي سوف تسهم بجوانب إيجابية وبتقنية جديدة في التربية والثقافة والعلوم المختلفة، وستكون بإذن الله نبراساً ساطعاً لنقل المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة، فإذا كانت هذه الجامعة العظيمة تتويجاً لجامعات المملكة المتعدد لعموم المناطق حكومية كانت أو أهلية فإن اهتمامه- حفظه الله- بالتعليم ونشره بين الأفراد والمواطنين كان منذ أن تسلم زمام مسؤولية رئاسة الحرس الوطني فلن أنسى مواقفه النبيلة وتوجيهاته الكريمة حيث سعدت كثيراً بلقاءاته وحرصه الشديد على ايصال الثقافة والتعليم لأفراد ومنسوبي الحرس الوطني، وقد كانت بداية التعليم على شكل دورات ثقافية ومن ثم تم افتتاح أول فصل دراسي عام 1388هـ يضم 16 طالباً كان لي الشرف أن أشارك في تدريسه لكوني أول مدرس جامعي يتعين بالحرس الوطني ومن الذكريات المشرفة التي غمرنا بها -حفظه الله- ان زارنا في هذه الفصول يرافقه بعض الملوك وأشاد بهذه البذرة المباركة وحثنا على المزيد والعطاء بالتوسع في افتتاح الفصول والمدارس واستمرت الجهود المباركة بتحقيق ذلك حيث عمت مراكز تعليم الكبار ومحو الأمية مناطق المملكة، وفي عام 1407هـ افتتحت مدارس الأبناء للبنين والبنات لعموم المدارس بمناطق المملكة وكان - حفظه الله- لبعد نظره وحنكته يرى أن أفضل نجاح يحققه الحرس الوطني هو إدخال التعليم ونشره بين منسوبيه حيث كان لي الشرف أن أزور سموه الكريم للسلام عليه بمناسبة عيد الفطر المبارك بقصره بالحوية بالطائف وذلك عند بداية التعليم، وحينما استأذنت بالدخول وأقبلت للسلام على سموه وهو ينزل من قصره متوجهاً للخروج بموكبه أشار -حفظه الله- بيده الكريمة إلى قائد السيارة بإطفاء المحرك وقد أمسك بيدي أمد الله في عمره إلى مجلسه العامر حيث استمعت إلى توجيهاته الكريمة وحرصه الدؤوب واطمئنانه على مسيرة التعليم ونشره بين المنسوبين، وقد وجهني في هذا الاجتماع المبارك بزيارة أمراء الأفواج لإيضاح فوائد التعليم لمنسوبيهم وان الحرس الوطني قد وفر لهم كل معطيات ومتطلبات الحياة الحديثة.

كما كانت إنسانيته العظيمة تتجلى للصغار والكبار وذلك حينما شرف سموه الكريم الحفل الذي أقيم بمناسبة حصول الحرس الوطني على جائزة اليونسكو حيث كرم في هذه المناسبة المعلمون الأوائل - والدارسون الكبار الذين حصلوا على شهادات عليا بعد أن كانوا أميين حيث اصطف في هذا الحفل كوكبة من البراعم وطلاب مدارس الأبناء للترحيب لسموه، وعندما أقبل عليهم رحبوا به ثم بدأوا ينثرون عليه الورد والفل فأخذ سموه يبادلهم التحية وينثر عليهم بيده الكريمة ويمسح على رأس كل طالب ويدعو لهم بالتوفيق والنجاح.

وكان من ثمرة حرصه وتوجيهاته الكريمة أن الحرس الوطني حظي بالشكر والثناء على مسيرته التعليمية المباركة حيث وصلت إلى مستوى مشرف وراق، حيث وجه سعادة وكيل الحرس الوطني للشؤون الفنية بأن تكون مدارس الأبناء عند الإنشاء مدارس نموذجية في التخطيط والبناء، كما بلغ عدد الطلبة والطالبات والدارسين والدارسات مؤخراً قرابة (56) ألف طالب وطالبة، لقد أشاد الجميع في المحافل والمؤتمرات داخل المملكة وخارجها والتي تم حضورها وخاصة في مصر وتونس، والكويت والبحرين وغيرها من البلدان العربية والصديقة، وكان من الذين أشادوا بدور الحرس الوطني في هذا المجال معالي وزير التربية والتعليم بمملكة البحرين الشقيقة آنذاك الدكتور علي فخرو وذلك عند زيارة معاليه بعد اختتام إحدى الندوات التعليمية التي عقدت هناك وبعد أن اطلع على هذه الجهود قال معاليه: لقد أصبحتم في الحرس الوطني وزارة تربية وتعليم لوحدكم، وكما كان سموه الكريم حريصا على نشر الثقافة ويشجع سموه المؤلفين السعوديين، وبعد اطلاعه على الكتب المهداة لسموه يوجه بتلخيصها ومن ثم تعرض عليه مع خطابات شكر تبعث للمؤلفين، وكان سموه يحرص كل الحرص على الوسطية والاعتدال في كل الأمور وذلك عندما عرضت على سموه تقريراً شاملاً عن معهد القرآن الكريم ومدارس تحفيظ القرآن أبلغني بشكره وتحياته للقائمين عليها وأن عليهم المزيد من العطاء والإخلاص في العمل وأن يكون شعارهم دائما الوسطية فلا تشدد ولا غلو في الدين ولا تساهل ولا تقصير فيه، وأن القرآن الكريم هو كتاب الله وهو الحصن الحصين كما عرف عن سموه الكريم- حفظه الله- توكله على الله دائما ولا يخشى في الله لومة لائم وذلك عندما قدمت لسموه المشاركين من ضيوف المهرجان الوطني للتراث والثقافة في دورته الثانية بقصر سموه قال أحد الأدباء لسموه الكريم أنتم القادة والملوك فاتحين أبوابكم ولا تخشون على أنفسكم من أحد.. وبسرعة بديهة قال سموه نحن فاتحين أبوابنا وقلوبنا لشعبنا منذ أن توحدت هذه المملكة بقيادة جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود- رحمه الله- ولا نخشى إلا الله سبحانه، ثم قال سموه: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، وكانت هذه الإجابة مقنعة وعظيمة نابعة من إيمان سموه بالله وتوكله على الله في جميع الأمور، ومن صفات الملك عبدالله - حفظه الله- بأنه شخصية عظيمة وقائد فذ حينما تحظى بمجلسه العامر تلمس فيه هيبة القادة والملوك ومع هذا تجده دائما متواضعا مبتسما حنونا عطوفا صاحب إنسانية ومواقف عظيمة، وحرصه على راحة المواطنين يتجلى في مجالسه بالديوان الملكي وقصر سموه وكذا كان بمكتبه بالحرس الوطني بابه مفتوحا للمواطنين متواضعا بكل مقاييس، فكل مواطن يحظى بالسلام عليه يرحب به ويطلب منه الجلوس، وإن كان في السن كبيرا ساعده ويحظى- رعاه الله- بدعوات الجميع كما لا يفوتني في هذا المجال أن أشيد بالجهود المباركة والتوجيهات المستمرة لمعالي نائب الحرس الوطني المساعد الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري -رحمه الله- الذي كان يحرص كل الحرص على تحقيق متطلبات التعليم وتوفيرها مهما كانت الظروف لأن معاليه يقدر العلم ويحث عليه ويتطلع إلى شموليته لجميع منسوبي الحرس الوطني، ولا غرو في ذلك فهو أديب محنك وموسوعة علمية عظيمة أسكنه الله فسيح جناته.

وفي الختام أسأل الله أن يمد في عمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأن يمتعه بالصحة والعافية ويسدد خطاه وأن يحفظه من كل سوء ومكروه وأن يجعله ذخراً للإسلام وعزة للمسلمين.

وكيل الحرس الوطني المساعد للشؤون الثقافية والتعليمية سابقاً المستشار بالشؤون الخاصة الملكية سابقاً



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد