Al Jazirah NewsPaper Monday  26/10/2009 G Issue 13542
الأثنين 07 ذو القعدة 1430   العدد  13542
نهارات أخرى
الراحة تجلب الألم والحزن!
فاطمة العتيبي

 

ليست الراحة في عدم العمل، فالعقل الفارغ الهادئ عقل محزون) (وليم كوبر)

** هل صادف أن أشفق عليك الناس لكثرة أعمالك وكثرة تفكيرك وكثرة انشغالك بهموم مجتمعك ومن هم حولك، يظنون أنك محل شفقة!

بينما الذين يتقلبون في هوة الفراغ هم من يستحق الشفقة!

هل يدرك هؤلاء المشفقون أن الراحة الجسدية لا تعني راحة البال وليست معادلاً لها؟ وهل يعلمون أيضاً أن راحة البال لا تتحقق في سكون العقل وخلو وفاضه من التفكير والانشغال!..

** راحة البال تتحقق مع العطاء والشعور الكامل بجدوى الحياة وليس كالعمل يهب صاحبه قوة وامتلاءً بالثقة واكتمال الذات، العمل بمعناه الواسع وغير المؤطر بجهه أو مردود، العبرة في أنك تعمل، أي تعطي، تسهم، تنجز، بمعنى آخر تحيا!

تتحقق راحة البال لهؤلاء الذين يستيقظون في صباحهم المبكر وهم يدركون أن ثمة أعمالاً تنتظرهم وأن ثمة مسئوليات عليهم إتمامها وأن ثمة فوائد يقدمونها لمن هم حولهم!

** إنني لأشفق على هذه الطوابير من الشباب والشابات الذين لا يجدون فرص عمل، يصطفون حول النوافذ الزجاجية ويمدون ملفاتهم وينتظرون أن تتصل بهم أي جهة لتزف لهم بشارة الحياة الوظيفية..!!

إنني لأشفق على من يطول انتظارهم وتذبل زهرة شبابهم يبقون في مكانهم مع أن الحياة لا تنتظر أحداً وقطارها يغادر محطاته بسرعة فائقة..

كم أتوق لأن يلتفت هؤلاء الشباب إلى مقدراتهم ومواهبهم ويفتشون عن جوانب جديدة من العمل قد لا تمنحها إياهم الوظيفة الحكومية أو الأهلية..

ثمة أعمال جديرة بالانضمام إليها واكتساب الخبرات من خلالها وتسخير الطاقات واندغامها في المجتمع.. ثمة أعمال هي مخاض لحظة ابتكار وإبداع حافزها حب الخير، وهي قابلة لكي تكون باب رزق عظيم .

من الخطأ أن يتزاحم البشر حول مخرج واحد بينما هناك مخارج متعددة كلها تؤدي إلى الشمس والهواء والأشجار الوارفة..

** جمعية (حفظ النعمة) نموذج لما يمكن أن يفعله الشاب والشابة من عمل تطوعي بإمكانه أن يتحول فيما بعد إلى عمل يدر دخلاً جيداً، جمعية حفظ النعمة تهتم بأخذ الفائض من الأطعمة في الحفلات والولائم وتغليفه وتقسيمه إلى كميات مناسبة ثم توزيعه على المحتاجين..

هؤلاء الثياب يقدمون خدمات مجانية أرى فيما بعد إمكانية تحويلها إلى مشروع تجاري تلتحق فيه الكثير من الأيدي العاملة وممكن أن يتحول على منشأة اقتصادية يقام فيها مصنع للوازم الحفظ والتغليف تخدم أهداف هذه الجمعية ويتشكل لها أسطول من السيارات الناقلة، وثلاجات كبرى لحفظ الطعام وبذلك تزداد فرص التوظيف.. كثير من الأسر لديها استعداد لدفع مبلغ رمزي لمثل هذه الجمعية مقابل تخليصهم من الإحساس بالذنب تجاه هذا الفائض الذي يتبقى من ولائمهم الكبرى، هذا المبلغ الرمزي بإمكانه أن يكون نواة لميزانية المشروع الذي يستوعب الكثير من الأيدي العاملة إناثاً وذكوراً..

** لا بد أن نتذكر في كل وقت أن الله تعالى أمرنا بالعمل والحركة ولم يأمرنا بالراحة والجمود, وأن راحة الجسد الطويلة تورث الألم كما يقول هوميروس.



Fatemh2007@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد