Al Jazirah NewsPaper Monday  26/10/2009 G Issue 13542
الأثنين 07 ذو القعدة 1430   العدد  13542
صناعة القيم!
رمضان جريدي العنزي

 

لا أعلم بطبيعة الحال لماذا ينقلب بعض الناس في تعاملاتهم مع بعضهم البعض إلى مجتمعات أمنية تتجسس بوعي وبدون وعي على بعضها، لتجعل كل من يختلف عنها في تفكيره وفي آرائه وتضعه في خانة الاتهام وفي دائرة الشك والريبة، حتى أصبح هذا السلوك عادة وجزءاً من سايكولوجية وتركيبة

البعض النفسية التي لا يستطيعون الفكاك منها أو التخلص، ان تعامل البعض مع البعض الآخر بهذا الحس الأمني المرهف مع كل من يختلف معهم بطريقة تفكيره أو آرائه أو قراءاته الخاصة أو ميوله أو طموحاته أو مشاريعه أو أهدافه بأنه متهم يجب أن تلغى ويجب أن تطوح ولا يعمل بها، ان الذين ينصبون أنفسهم في توزيع الاتهامات المجانية انطلاقا من تداخل الواجبات والمهام بين أفراد المجتمع جل هؤلاء ينقصهم بعض الخلق وبعض الوعي المتجدد، ان عملية صهر الآخرين في نار الاتهامات وفق هالة من اللهب تصل حد الإلغاء تبدو عملية غير متجانسة في المشاعر والتراكيب الإنسانية، ان الحساسية والنرجسية والانكفاءات والنكوص والاصطدامات الفطرية غير الواعية في ذاتها المعرفية وغير القادرة على التقاط حزمة الضوء البشري للوصول إلى أهداف وغايات نبيلة في الألفة وفي التعاون وفي العطاء وفي البعد عن ازدراء الآخرين ونفيهم نحو المجاهيل البعيدة يعد ضربا من ضروب (الهبل) الاجتماعي، ان عوامل تحفيز بعض فئات المجتمع للظهور إلى عالم الضوء بدل عتمة التجويفات سيكون سببا عظيما في تطوير المجتمعات والنهوض بها، وإلا ستبقى هذه الفئات هزيلة لا ترقى إلى التكوينات والإرهاصات التي تحدث في الحركة الاجتماعية، لذلك نراهم يسقطون في هوة سحيقة قاتلة لها تقاطعات بائسة لأنها مقرونة بانخفاض وعي الإنسان الذي ليس له انساق عظيمة وفارمة، ان الإنسان الذي يتقمص الحياة ويعمل على الالتحام الفعلي معها بحركة موجبة نحو الإبداع والابتكار وبعيدا عن (التلصص) ومراقبة الآخرين والانشغال بهمومهم وتطلعاتهم وتفكيرهم وتوجهاتهم وتطلعاتهم يعد فردا ناضجا له توهج تنويري في نص الحياة والناس وله مفاهيم إفصاحية واستكشافية في مفهوم الوجود الكوني والإنساني يستطيع من خلالها التوصل إلى مناطق ضوئية في الكون والحياة، إن الذين يسخرون حياتهم في متابعة الآخرين والتلذذ في كشف خصائصهم وعوراتهم المستورة يعدون (معرقلين) لنمو الحياة وتمددها ويملكون ذوات قلقة غير مركونة بزاوية قائمة أبدا مثل (الفنتازيا) التي لا تخضع لمفهوم مكتشف أو مفهوم مدروس، وهم أناس نافرون وأشخاص غير أسوياء، ولهم حقائق ملموسة في تملك إشارات ممغنطة تنفر من المكونات المعلومة سلفاً وتلاحق المبهم وغير المكتشف، وهم دائما في حالة ذهول ودهشة، ولهم رؤيا غير واضحة وغير جلية، ولهم مكونات وجود بصيغ (ميتافيزبقية) مختلفة عن قدرة الآخرين المبدعين العقلاء، إننا مطالبون بقوة بإجادة صناعة القيم الاجتماعية لأنها صناعة روحية لها امتداد الضوء واشتعالات النجاح تلج في التكوين والوجود.



ramadan.alanazi@aliaf.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد