حينما نتداول منجزات مشروع التوطين (السعودة) للوظائف الخدمية، والأعمال المهنية تتأزم الأمور، وتتكاثر المعوقات، وكأننا نحلل أو نناقش حيثيات (العولمة)، فلكلاهما صِيغٌ ومسوغات وأهداف تتطلب من الجميع العمل على تحقيقها، فلا يجدر بنا أن نتظاهر بأننا حققنا شيئاً من هذه الأهداف، ولا من المناسب أن نصرح بمجرد شعارات التوطين لهذه الوظائف أو تلك المهن.
فالتوطين أو (السعودة) للأعمال والوظائف لدينا تتطلب منا -حينما ننادي فيها- أن نكون منصفين لأهلها، فحينما يتم توظيف الموطنين الشباب في بعض أعمال الحرسات والوظائف الخدمية والفنية، كمشرفي المواقع والعاملين في بعض القطاعات الميدانية وأعمال الصيانة والتمديدات، ومشغلي السنترالات وغيرهم يتوجب على الجهات المختصة تنفيذ كافة الالتزامات، وتحقيق المبدأ العادل وتوفير الفرص وتسديد الحقوق كاملة غير منقوصة لهؤلاء. فالشيء الذي بات لا يشكل أي مفاجأة للأسف هو أن الكثير من الجهات التي قامت بتوظيفهم لم تلتزم بأهم ركيزة في هذه الاتفاق، تلك المتمثلة ب(رواتب العاملين)، فعدم صرف مستحقاتهم في مواعيد محددة وثابتة هو عين الأذى لهؤلاء، والأخطر منه أن الشكاوي تأتي دائماً وأبداً من التأخير والمماطلة والمواعيد الوهمية ليس لأيام أو أسبوع أو أسبوعين مثلاً إنما لأشهر أو قرابة العام.
وهذا الحيف والأذى يقع من رجال وسيدات أعمال لا يكفون عن ترديد شعارات المواطنة، وحفظ الحقوق للعاملين، إلا أنها تبدو للأسف مجرد أحاديث مجانية، لا يقطعها إلا توسلات هذه الطبقة الكادحة التي تجأر دائما بمثل هذه الشكوى، بل إنهم يتمنون لو أن هذا المشروع لم يوجد أصلا لأنه جاء وبالاً على أحلامهم البسيطة.
فلو كان تأجيل (الرواتب) على وجه الخصوص يتعلق بالعمال الأجانب (مثلاً) قد نقول إنه ممكن مجازاً لأنه قد لا يضر العامل الأجنبي تأخير رواتبه لأنه في النهاية سيحصل على مستحقاته وسيحولها كاملة غير منقوصة إلى أهله، أما (ابن الوطن) فهو أحوج ما يكون إلى مرتب شهري ثابت لا يمنَّ عليه به أحد.
الأمر الذي لم يعد مستغرباً أيضاً هو دخول (مكتب العمل) في أي مدينة من المدن على الخط الساخن أو البارد، ليدلي بدلوه الذي لا يخرج إلا طين الوعد وحجارة الانتظار بحل القضية، ولا مانع من أن يصرح أحد منهم بأنهم سيفتحون تحقيقاً بهذا الأمر، فالتحقيقات باتت لعبة هرب في كل مأزق إداري أو نظام عمالي، فهي المنقذ للأسف لهؤلاء الذين تُتخم أرصدتهم بالمال، فلا يكفون عن استغلال هؤلاء العمال والموظفين البسطاء.
متى سمعنا بنتائج أي تحقيق قد تم سابقاً ليعاد الحق إلى أهله، أو أنصف هؤلاء الذين باتوا في صراع مرير حتى على المستوى الأسري لقلة اليد وفقدان الفرص، أما إن كان هناك خروج لنتائج تحقيق ما من الوارد أنها ستبرأ ساحة القوي، ومن المتوقع أنها ستجعل الحق على الضعيف.
Hrbda2000@hotmail.com