بعد يومين من انكسار المسار الصاعد، ارتد المؤشر العام استجابة للنتائج الإيجابية التي أعلنتها شركة سابك، لكي يعوض كافة خسائره يومي السبت والأحد.. وبشكل مكنه من إنهاء أسبوعه على صعود رابحاً 66 نقطة.. وقد عاود المؤشر هذا الأسبوع انفصاله عن مستجدات السوق العالمي مستجيباً فقط للميل للسير في مسار أفقي أو ربما ميلاً للخوض في جني أرباح، إلا أن انتظار الجميع لنتائج أعمال سابك وبخاصة في اتفاق التوقعات على إيجابيتها، مكن المؤشر من تأخير جني أرباحه هذا الأسبوع وليخرج بمسار أقرب إلى مسار التذبذب الطفيف.
الآن وبعد الإعلان عن نتائج أعمال معظم قياديات السوق لم يتبق أمام المستثمرين حيلة أمام الانصياع لجني أرباح الفترة الماضية.. وربما أن كل تأخير لجني الأرباح لن يكون في صالح السوق بل سيقود إلى جني أرباح أشد عنفا في المستقبل.. ومن أبرز دلائل انتظار جني أرباح عدم استجابة المؤشر للارتفاع في أسعار البترول التي تخطت مستوى 81 دولاراً قبل أمس، بالإضافة إلى أخبار إيجابية تؤكد بدء خروج الاقتصاد العالمي من الركود، أبرزها تحقيق الاقتصاد الصيني لمعدل نمو بلغ 8.9% خلال الربع الثالث من هذا العام.
تحسن في نتائج أعمال البتروكيماويات.. ولكن!
خلال الربع الثالث من هذا العام تحسنت نتائج نحو 8 شركات بتروكيماويات عن نتائج الربع السابق، إلا أن هذا التحسن لم يكن بقدر التحسن في الأسعار العالمية للبترول لكافة هذه الشركات، وهو ما يوضح أن شركات البتروكيماويات ربما واجهت بشكل عام مشكلات أخرى، ربما تتعلق بقضايا الإغراق، أو بمشكلات خاصة بالركود العالمي على سلع ومنتجات تدخل البتروكيماويات في إنتاجها، مثل السيارات. أما بالنسبة للشركات التي أعلنت عن استمرار تحقيقها لخسائر، فقد لوحظ عليها أمر مثير للدهشة، حيث إن هذه الشركات أحرزت ارتفاعاً في مستوى خسائرها خلال الربع الحالي، ورغم أن هذه الخسارة ليست نتيجة أعمال تشغيلية، فهي في مرحلة التشغيل التجريبي غالباً.. فلماذا ارتفع صافي خسائرها طالما هي لم تعمل بعد وبالطبع يفترض أن لا يكون للأزمة العالمية أو تراجع أسعار البترول تأثير عليها؟ فينساب وبترورابغ وبتروكيم ارتفع صافي خسائرها خلال الربع الحالي عنه للربع السابق.. إنه أمر يحتاج إلى تفسير واضح.
فقاعة التأمين!
قطاع التأمين من القطاعات الواعدة بالسوق السعودي حاليا، إلا أن كلمة (واعدة) لن تستمر على الدوام.. فأي سوق مهما كان جديدا سيأتي يوم ويتشبع، وواعد اليوم يصبح غير واعد غدا.. وعمليات التأمين بالسوق السعودي تعتبر حديثة الانتشار، حيث إن عملها في سياق تجاري بدأ مع تعميم التأمين الطبي على الشركات والعاملين عليها وتطبيق التأمين الإجباري على السيارات.. وبالتالي فإن الشركات ال24 الجديدة إنما أسست لخدمة هذه التعميمات الجديدة.. ولكن هل هذا السوق قادر على استيعاب كل هذا العدد من الشركات؟ فقد وصل عدد الشركات إلى 25 شركة، وهناك ثلاث شركات في الطريق.. ووصلت حقوق المساهمين في الشركات القائمة إلى حوالي 6.6 مليارات ريال، ووصلت القيمة السوقية لهذه الشركات إلى حوالي 25.4 مليار ريال، وهذه في حد ذاتها مشكلة لشركات غالبيتها لم تبدأ في التشغيل بعد.. ثانياً وما هو أهم: ما هو دوافع تأسيس هذه الشركات؟.. هل للثقة في قطاع التأمين والثقة في قدرة هذه الشركات على تحقيق ربح فيه أم يرجع ذلك في جزء كبير منه إلى سهولة تمويل هذه الشركات من خلال سوق الأسهم؟ في اعتقادي أن سوق التأمين قد لا يستوعب القدرات البيعية لكل هذه الشركات.. كما أن حركة التداول على أسهم هذه الشركات لا تتناسب مع حداثة سوق التأمين، من ثم فإن المؤشرات قد تشير إلى (تكون) فقاعة، وهي ليست فقاعة من النوع المعتاد بل هي فقاعة من النوع الكبير، وخاصة مع معرفة أن العديد من هذه الشركات قد لا يكتب له النجاح في السوق مطلقا.
لماذا تُطرح الشركات القديمة القائمة للاكتتاب؟
في أحد المحافل أثار أحد المتداولين سؤالا هاما، وهو: متى يفكر مالكو الشركات القائمة في طرحها للاكتتاب؟ وما هي دوافعهم الحقيقية لطرح شركاتهم للاكتتاب؟ فالشركات المطروحة للاكتتاب تنقسم إلى نوعين: شركات جديدة يتم تأسيسها لأول مرة ولم تعمل بعد، مثل غالبية شركات التأمين الجديدة.. أما النوع الثاني، فهو الشركات القديمة القائمة والتي تم تأسيسها في الماضي، ويرغب مالكوها في بيعها أو بيع حصص منها على الجمهور.. إن سؤالنا يركز هنا على النوع الثاني فقط: لماذا يرغب أصحاب الشركات القائمة في بيعها على الجمهور؟ يوجد هناك ثلاثة احتمالات: إما أنهم يرغبون فعليا في زيادة قاعدة المشاركة وزيادة قدرة شركاتهم على تدبير أي قدر من الأموال الإضافية سريعا، أو أنهم خائفون من المستقبل ويرغبون في تقليل درجة المخاطرة بتوزيع الملكية على عدد أكبر من الملاك، أو أنهم يرغبون في بيعها والتخلص من عبء إدارتها والسعي للحصول على علاوة الإصدار.. وفي اعتقادي أن علاوة الإصدار قد تمثل أكثر من 60% من دوافع ملاك العديد من الشركات في طرح شركاتهم للاكتتاب.. إن ما يؤكد ذلك أنه يوجد بالسوق المحلي الكثير من الشركات الكبرى الناجحة، وحتى الآن لم يفكر ولم يعلن أحد أنها تنوي طرح حصصا منها للاكتتاب..
د. حسن الشقطي - محلل اقتصادي