تونس - من موفد (الجزيرة) - جاسر الجاسر:
ما إن تصافح عيناك محيا تونس الخضراء، وما إن تملأ رئتيك بعبق الياسمين الذي يهب عليك من باحات مطار قرطاج ثم يتبعك في شوارعها؛ حتى تشعر بأن التونسيين لا همَّ لهم إلا تأدية حقهم الدستوري والقيام بواجبهم لاختيار قيادة حكيمة أبوية تواصل بناء بلدهم وتنميته.. التونسيون الذين أجبروا الرئيس زين العابدين بن علي على ترشيح نفسه وخوض الانتخابات لا يجزمون بأن التجديد وإعادة الرئيس زين العابدين يتم وفق الطريقة المعتادة التي ألفتها الدول العربية والإفريقية بأن تكون النتيجة مضمونة للرئيس الذي يدخل الانتخابات وهو على رأس السلطة؛ فالتونسيون تشربوا نهج التعددية وتمكنت منهم الثقافة السياسية؛ فهم يقارنون ويفاضلون بين المرشحين، وإن كانت حظوظ زين العابدين بن علي الأفضل؛ فلأنه قدم لشعبه ما يشفع له لاختياره من جديد، بل وإجباره على الترشح، وليس لأنه على رأس السلطة.. هذا ما خرجنا به مجموعة الصحفيين العرب والأفارقة الذين دُعوا لمتابعة الانتخابات، ليس فقط لتغطية وقائعها، بل أيضاً لمراقبتها ونقل صورة حقيقية وشفافة لما يحدث اليوم في تونس. يقول الدكتور أسامة رمضاني وزير الاتصال بالنيابة ومدير عام وكالة الاتصال الدولي: إن الصحفي هو عين الحقيقة ينقل ما يراه من ممارسة ديمقراطية تؤمن بالتعددية، والناخب هنا يكافئ مَن خدم بلاده وعمل على تسريع نهضتها، وشاهدوا بعيونكم، وانقلوا الحقيقة، وراقبوا بأمانة ما يحدث، ولا نقول لكم ردوا على أكاذيب من يتكلمون من خارج البلاد دون أن يعرفوا عنها بعد أن غادروها منذ زمن. انقلوا ما ترونه بشفافية ولن يرافقكم أحد وتجولوا في كل المراكز واكتبوا بأمانة الصحافة الحرة والانتخابات الرئاسية التي ستبدأ غداً الأحد يخوضها أربعة مرشحين هم - بحسب ما أصدره المجلس الدستوري في تونس -:
* السيد زين العابدين بن علي الحزب الاتحادي الدستوري الديمقراطي
* السيد محمد بوشيحة - حزب الوحدة الشعبية.
* السيد أحمد إينوبلي - حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي.
* السيد أحمد إبراهيم - حزب حركة التجديد.
ويشرف ويراقب العملية الانتخابية مرصد وطني للانتخابات يضم مجموعة من الشخصيات القضائية والسياسية والوطنية المعروفة باستقاليتها، كما يتابع الانتخابات عدد من الملاحظين الدوليين والعرب والأفارقة؛ مما يؤكد أن الحكومة التونسية واثقة بأن انتخابات 25 أكتوبر ستكون إضافة جديدة في مسيرة الديمقراطية التعددية التي أصبحت تقليداً وممارسة للشعب التونسي، كما أن الانتخابات الرئاسية ستكون فرصة لتلمس مدى الحجم الذي تتحقق المنجز في هذا المنجز السلوكي في المشهد السياسي التونسي الراهن من حيث ثراء الرؤى والمقاربات وتنوع الحياة السياسية والحزبية. قد كان بالأساس ثمرة وعي وخيارات أصيلة ضمن المشروع المجتمعي الذي أعلنه بيان السابع من نوفمبر الذي أكد جدارة الشعب التونسي ب(حياة سياسية متطورة ومنظمة تعتمد بحق تعددية الأحزاب السياسية والتنظيمات الشعبية) تقتضيها ما أدركه هذا الشعب من وعي ونضج يسمحان (لكل أبنائه وفئاته بالمشاركة البناءة في تصريف شؤونه). وقد كرست ثوابت المشروع السياسي للتحول في 7-11-1987 ومبادرات قيادته التي سارت بنسق تصاعدي، ووفقاً لمنهج متدرج يرفض القوالب الجاهزة وينأى عن منطق التسرع والارتجال والقفز في المجهول، الوفاء بتطلعات سائر شرائح النخب السياسية والثقافية ومختلف فئات المجتمع التونسي الذي قطع بفضل رهان البلاد على التعليم أشواطاً بعيدة في مجال اكتساب المعارف وقدراً وافياً من الوعي بخصائص واقعه ووقائع عالمه.