لقد شاءت إرادة الله أن تودع الجالية السعودية في البحرين أحد أبرز شخصياتها وأحد أبرز رجال الأعمال السعوديين الأستاذ محمد بن عبدالله الزامل الذي يعتبر من أشهر رجال الأعمال في منطقة الخليج، بعد صراع مفاجئ مع المرض نقل على أثره إلى ألمانيا للعلاج قبل أن ينتقل إلى جوار ربه. والفقيد هو الابن الأكبر لوالده المرحوم عبدالله الحمد الزامل رجل الأعمال الذي أسس شركة مجموعة الزامل القابضة؛ حيث بدأت المجموعة أعمالها التجارية في مجال بيع المواد الغذائية والأقمشة في مملكة البحرين في أوائل الثلاثينيات الميلادية من القرن الماضي، وتوسعت أعمالها بنجاح بعد ذلك في مجال الاستثمارات العقارية في المملكة العربية السعودية. وكان من أبرز إنجازاته بناؤه أطول مبنى آنذاك في مدينة الخبر في المملكة العربية السعودية عام 1959م. وعندما رحل المغفور له بإذن الله عبدالله الزامل عام 1961م ورث ابنه الأكبر - رحمه الله - محمد، عائلة كبيرة من إخوان وأخوات (12 أخاً و3 أخوات) وكان معظمهم حينها دون سن الرشد وأخذ على كاهله تربيتهم وتعليمهم حتى وصل بعضهم إلى مناصب حكومية عالية، ولم يكن يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره، في الوقت الذي كان إخوته لا يزالون جميعاً في سن الدراسة، حيث ورث مسؤولية تربيتهم ودراستهم جميعاً ولم يفرق بين أحد منهم، وبعد تخرجهم انضموا إلى الشركة. وقام في الوقت نفسه بتأسيس أكبر مجموعة صناعية في المنطقة. وأسس المرحوم عام 1975م أول مشروع صناعي هو (مكيفات الزامل) الذي يعتبر اليوم من أكبر مصانع المكيفات في العالم، وأسس أيضا شركات صناعية كثيرة بين البحرين والسعودية، بالإضافة إلى مجموعة الزامل الصناعية التي تعد حالياً من أكبر المجموعات الصناعية والتجارية في العالم العربي، حيث امتد نشاط المجموعة إلى قارة أوروبا والعالم العربي. وشارك الفقيد في عضوية مجالس إدارات كثير من الشركات الصناعية والتجارية والمصارف. وعرف عن محمد الزامل حب الخير والسعي له والعمل لمساعدة حالات كثيرة وإعالة أسر معوزة إلا أن كل تلك الأعمال كانت تتم في السر، ولا يعلم عنها إلا المقربون منه، بالإضافة إلى أنه كان رياضياً من الطراز الأول، فقد كان لاعباً في فريق نادي النور البحريني الذي لعب له كمهاجم أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، وحقق معه أول كأس للاتحاد البحريني لكرة القدم. ثم اتجه للعمل الإداري وترأس النادي ذاته لسنوات عدة، قبل أن يتفرغ للعمل التجاري، وقد ساهمت النهضة الصناعية في المملكة العربية السعودية في أوائل السبعينيات الميلادية، إضافة إلى الظروف الاقتصادية الجيدة ودعم الحكومة للقطاع الخاص، في توفير بيئة مثالية للأستاذ محمد الزامل وإخوته للتوسع في طموحاتهم، وتم تطبيق برنامج إستراتيجي مخطط بعناية لتأسيس القاعدة الصناعية الرئيسية لمجموعة الزامل وإطلاق مبادرات التنويع في نشاطاتها، التي تشمل استغلال الفرص في المجالات الجديدة والواعدة والمهيأة للنمو المستمر، بحيث أدى كل من التخطيط الدقيق والممارسات الإدارية الحكيمة إلى وضع شركة مجموعة الزامل القابضة في مصاف الشركات الاستثمارية الضخمة والمحترمة على المستويين المحلي والعالمي لما أصبغها من التزام في تعاملاتها بالأسس الدينية والأخلاقية. وبرحيله يستشعر المجتمع السعودي والبحريني خسارة كبيرة (فله من المناقب والمآثر ما يجعل الجميع يفتقدونه) لما للمذكور من مناقب يعتز بها وإسهامات تنموية واقتصادية وإنسانية خيرية على مستوى المملكتين العربية السعودية والبحرين وخارجها، ولما له من حضور على صعيد الوسط التجاري والخيري والتواصل مع الجميع، وقد عرفته - رحمه الله - رجلاً عصامياً وخيراً ودمث الأخلاق، وتعرفت عن كثب على سيرته الحافلة بالعطاء والإنجاز وتألمت كثيراً لفقده - رحمه الله - وعزاؤنا فيه تلك الإنجازات. وإخوته وأبناؤه كلي ثقة بمواصلتهم طريقه في الإبداع في الإنجاز وبذل العطاء والخير. وما حياة المرء في هذه الدنيا إلا سنوات معدودة فمن قضاها في العمل الصالح كفقيدنا كسب خير الدارين وترك سمعة طيبة يفتخر بها أبناؤه وأهله من بعده، تغمد الله الفقيد برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.. (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).
سفير خادم الحرمين الشريفين بالبحرين