المضاف والمضاف إليه مركب، يرى النحويون أن المضاف إليه وقع موقع التنوين من المضاف، ومن أحكامه عندهم أنه لا يفصل بينهما بشيء، ولذلك يصرّ المصححون اللغويون على خطأ العطف على المضاف قبل استكمال الإضافة، فلا تقول (كتاب وقلم محمد) بل كتاب محمد وقلمه، ولكن الشعراء أتوا في أشعارهم ما عدّه النحويون مخالفًا لهذا الحكم فهذا الفرزدق يقول:
|
يا من رأى عارضًا أُسرّ به |
بين ذراعَي وجبهَةِ الأسدِ |
فأنشده سيبويه (1: 180) على أنه فصل بين المضاف (ذراعي) والمضاف إليه (الأسد)، وأنّ المعنى بين ذراعَي الأسد، والجبهة مقحمة على نيّة التأخير أي وجبهته. قال ابن يعيش (شرح المفصل، 2: 189): (وقد ردّ ذلك عليه محمد بن يزيد، وقال: لو كان كما ظنّ؛ لقال: وجبهته، لكنّه من باب العطف، والتقدير: بين ذراعي الأسد، وجبهة الأسد). ولم يقبل النحويون مقالة المبرد فردها ابن جني في الخصائص، وكذلك ابن ولاد في (الانتصار لسيبويه، 84)، وفسر ابن ولاد جواز مذهب الشعراء بأنه لما كان المتعاطفان مضافين إلى شيء واحد من حيث المعنى أمكن أن يضافا إليه لفظًا؛ لأنّ هذا لا يخلّ بالمعنى، ولكنّ ذلك إنما قبح من جهة اللفظ لا المعنى، وهذا الأمر ليس مقصورًا على الشعر، فالفراء (معاني القرآن، 2: 322) يذكر أنه سمع أبا ثروان العُكليّ يقول: قطع الله يدَ ورجل من قاله، ويحصر الفراء هذا بالمتلازمين قال (وإنما جاز هذا في الشيئين يصطحبان؛ مثل اليد والرجْل، ومثل قوله: عندي نصفُ أو ربعُ درهم، وجئتك قبل أو بعد العصر. ولا يجوز في الشيئين يتباعدان؛ مثل الدار والغلام، فلا تجيزنّ: اشتريت دار أو غلام زيد، ولكن عبد أو أمة زيد، وعين أو أذن، ويد أو رجل، وما أشبهه).
|
وبالجملة نرى النحويين لا يرون بأسًا بالعطف قبل استكمال الإضافة في الشعر أو النثر ولكنهم يؤولون بما يرونه مصلحًا للفظ، وهو أمر لا أرى له ضرورة؛ إذ يجوز عندي أن يتعدد المضاف، فكما أضفنا شيئًا يجوز أن نضيف شيئين، ونظير هذا عندي تعدد الفاعل في (تعاون زيدٌ وعمرٌو) فليس الفاعل زيد وحده ولا ينبغي له بل الفاعل (زيد وعمرٌو) معًا أي هذا المركب العطفي كما أن الفاعل هو المركب الوصفي في قولك: جاء الرجل الكريم. قال المعيوف (المركب الاسمي في كتاب سيبويه، 123): (صرَّح سيبويه بكون الاسم المنعوت ونعته وحدة لغوية بمنزلة الاسم المفرد).
|
ولذا أرى (كتاب وقلم محمد) إضافة صحيحة كما أن (كتاب محمد وقلمه) صحيحة.
|
|
|