النمسا دولة كبيرة الهمة صغيرة المساحة قليلة السكان كثيرة البناء وكعادة مجلس الشورى السعودي في حبه استطلاع ما لدى الآخرين من خبرات وتجارب وتبادل المنافع معهم للإفادة والاستفادة، بكل شفافية، وترحيب بلا تحفظ. فقد وجدت من خلال مشاركتي في عضوية وفد المجلس إلى النمسا برئاسة معالي رئيس المجلس ووفق برنامج عمل رسمي مكثف ومنوع، ثم من خلاله عقد عدة لقاءات. يأتي في طليعتها الاجتماع بفخامة رئيس الجمهورية ثم برئيسة المجلس الوطني ورئيس مجلس الاتحاد رئيس مجلس النواب وكذا معالي وزير الخارجية النمساوي وأعضاء لجنة الشؤون الخارجي ولجنة الصداقة النمساوية السعودية، بالإضافة إلى ما نقله للوفد سمو سفير خادم الحرمين الشريفين لدى النمسا من معلومات تجلى من خلال ذلك كله بأن النمسا تمثل نقطة اتصال ودعامة تواصل رئيسة بين شعوب المنطقة وقد تأهلت لهذا الدور الرفيع بحكم ما تحظى به من حب وتقدير وثقة الجميع مما كان مبعثه حب الآخر وتقدير مشاعر وخصوصيات وحقوق جميع الشعوب بلا تهميش أو مصادرة أو محاولة تدخل أو تميز محموم. وهذا المنهج سوف يؤهلها لدور أكبر وثقة أوسع. وللإنصاف نقول بهذا فليس من رأى كمن سمع ولأننا من قوم تربوا على حب الآخرين واحترامهم وتقدير إسهاماتهم النافعة نأخذ بالمفيد ونبذل المزيد نفتقر لأشياء فلا ندعي الكمال ونجود بموجودنا بلا من، ونثق بأن لدينا الكثير مما تحتاجه شعوب العالم لا في مجال الماديات ولكن في فنون الثقافات والمعارف وأصول الحضارات المتألقة بماضيها العريق ومستقبلها المشرق في المشارق ما هو في المغارب انطلاقاً من ثوابتنا السامية وأصالتنا المتوارثة وتوجهاتنا المعتدلة والمتوازنة التي ننادي من لم يفهمها على حقيقتها بأن يشرفنا بالحوار والاستطلاع وسنترك له الحكم بعد كمال التصور، عندها تبقى بلادي كما هي جميلة وجوهرة نظيفة ولطيفة كما فطرت ترعاها عناية الله وتحرسها قيادة الأوفياء وتخدمها عقول وأيادي البررة ويحقق طموحاتها شبابها المتفاني في جلب المعارف من الداخل والخارج لمواكبة تطلعات القيادة والشعب ونسير قدماً في طليعة الركب.