أية عملية إرهابية تمر بمراحل عديدة، ربما تستغرق في بعض الأحيان عدة سنوات إلى أن تصل إلى مرحلة التنفيذ الفعلي. فالعمليات الإرهابية تحتاج إلى تخطيط وتمويل وتجنيد ودعم لوجستي إلى أن تتم الجريمة، وهذا يعني أن رصد هذه الظاهرة من أولها حتى آخرها عملية معقدة للغاية، ومن هنا تظهر عظم الإنجازات الأمنية التي حققتها المملكة في مكافحة الإرهاب.
وإحباط العملية الإرهابية في منطقة جازان، التي كاد أن ينفذها مطلوبون أمنيون تسللوا من اليمن بالتنسيق مع عناصر داخل المملكة، يؤكد أن الإرهابيين يصرون بكل ما أوتوا من قوة على إلحاق الأذى والضرر بالمملكة وشعبها بتسويغ من أفكارهم الضالة.
ولعل هذه العملية المحبطة تكشف عن خيوط لعمليات أخرى مدبرة، خاصة أن التحقيقات لا تزال جارية، وقد تخرج الجهات الأمنية بمعلومات حساسة تساهم في اعتقال إرهابيين آخرين وإحباط مخططاتهم الدنيئة.
إنَّ إحباط العملية الإرهابية في جازان في مرحلتها الأخيرة، وهي مرحلة التنفيذ، يوضح للعيان قدرة الجهات الأمنية على التعامل بمهنية عالية مع الأحداث المفاجئة؛ فهؤلاء الإرهابيون باغتوا رجال الأمن في نقطة أمن الحمراء على طريق الساحل بمنطقة جازان، خاصة أن هؤلاء الإرهابيين كانوا متنكرين في زي نسائي. وعلى الرغم من استشهاد جندي وإصابة آخر إلا أن الفرقة الأمنية استطاعت أن تقتل اثنين من الإرهابيين وتعتقل الثالث.
وتوضح هذه العملية الإرهابية الفاشلة أهمية التنسيق الدولي لمكافحة ظاهرة الإرهاب؛ كون هؤلاء تسللوا من اليمن، ونسقوا مع عناصر في الداخل قُبض على ستة منهم، وجميعهم يمنيون، وبالتالي فإن مكافحة الإرهاب لا تخص دولة بذاتها، ولكن تخص جميع الدول، ولا يمكن لدولة مهما أوتيت من قوة أن تكافح هذه الظاهرة الدولية الخطيرة دون تنسيق مع بقية الدول، خاصة على مستوى المخابرات وتبادل المعلومات.