أصبح فرع تنظيم القاعدة في اليمن مصدر قلق حقيقي. وقاعدة إقليمية إرهابية، تضم في صفوفها الآلاف من اليمنيين للتجمع، والتدريب، وتفريخ أجيال جديدة من مقاتلي تنظيم القاعدة، والتخطيط لهجمات إرهابية، - بدأ - بدول السعودية والخليج، - مرورا - بالعراق..
..وسوريا والقرن الإفريقي، - وانتهاء - بالتسلل إلى إيران والعبور باتجاه باكستان وأفغانستان. مستغلة الظرف السياسي وكذا الأمني، كتداعيات حرب صعدة، والفقر، والبطالة، وتأثير الأزمة العالمية. إضافة إلى البيئة الجبلية لليمن التي توفر الغطاء الواقي، والبيئة الاجتماعية المتشددة قبليا ودينيا.
وبينما كانت القاعدة تتلقى الضربات في اليمن، كان تنظيم القاعدة هناك يحضر لعمليات كبرى في دولة الجوار السعودية، بتدشين مرحلة جديدة في استراتيجية تنظيم القاعدة في مواجهة النظام السياسي للدولتين -السعودية واليمنية -، لا سيما أن القيادة الجديدة للقاعدة أعلنت: أن تحرير القدس يمر من صنعاء والرياض، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، فإن تعميم الحالة اليمنية باتجاه السعودية، سيمدد مساحة الانطلاق لتنظيم القاعدة إلى مساحات أوسع، وآفاق أرحب. وهو ما أكده أحد قادتهم، من أن تنظيم القاعدة في اليمن هو في أقوى مراحله، وأنه تمكن عام (2008 م)، من إرسال (300) مقاتل إلى أفغانستان والعراق والصومال. كما أن تنظيم القاعدة كان قد أعلن في وقت سابق عن التحام خلاياه في كل من السعودية واليمن، وتشكيل ما سمي بتنظيم جزيرة العرب.
تصريحات وزارة الداخلية السعودية لم تأت من فراغ، من أن تنظيم القاعدة تخطط من اليمن لضرب السعودية، فالأوراق قد انكشفت بعد أن حملت العديد من الدلالات والمعاني. إذ إن قتيلا اشتباك نقطة الحمراء في منطقة جازان - قبل أيام - كانا يعتزمان تنفيذ عملية إرهابية مدمرة داخل السعودية، والعودة إلى اليمن مرة أخرى، وهو ما خطط لها ما يسمى بتنظيم قاعدة الجهاد في اليمن، الذي يتزعمه اليمني (ناصر الوحيشي). حيث تعتبر تلك المواجهة أول مواجهة أمنية علنية بين قوى الأمن السعودي وعناصر تنظيم القاعدة، بعد محاولة الاعتداء الآثمة التي تعرض لها مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية.
وفي سياق استقراء التعاطي الإعلامي لحادثة جازان، يؤكد أن الإرهاب مهما كان مصدره، فإنه يمثل واحدا من أبشع الجرائم التي تستهدف الإنسانية والاستقرار والتنمية. كما أنها انحراف بالإسلام عن الأصل القائم على مبدأ التسامح، واحترام الآخرين، والبعد عن المغالاة.
صحيح أن المراقبين والمهتمين لشؤون الإرهاب، يؤكدون على أن العناصر القيادية المتبقية في تنظيم القاعدة في اليمن، تعيش حالة من القلق النفسي، - خاصة - بعد أن شعرت بالخطر المحدق بها، في ظل تضييق الخناق عليها، نتيجة التدابير الأمنية، وحملات المطاردة المكثفة، وتفكيك العديد من خلايا التنظيم، إلا أن الحقيقة التي لا نستطيع أن نغفل عنها، هي: أن اليمن أصبح ملاذا آمنا للإرهاب بسبب الظروف التي يعيشها. ولذا فإن رصد نوعية الإرهاب النشط في اليمن، والتعرف على خطط القاعدة، وتبني مواجهة شاملة ضد التنظيم، من أجل القضاء على الإرهاب، وتفكيك خلايا القاعدة، وتوسيع التعاون الأمني بين اليمن والسعودية ودول الخليج، وتوعية سكان القرى الحدودية على الشريط بين البلدين لمواجهة أي خطر فكري، مطالب في غاية الأهمية.
drsasq@gmail.com