القاهرة - مكتب الجزيرة
أكد فضيلة الشيخ أ.د.فوزي الزفزاف وكيل الأزهر سابقاً وعضو مجمع البحوث الإسلامية حالياً، أهمية التقدم العلمي للأمة الإسلامية وحاجتها إلى جامعات ومراكز بحثية ترتقي بالأمة وتجعلها في مصاف الدول المتقدمة، مضيفاً أنه لا يوجد دين حثّ على العلم ودعا البشر إلى التقدم العلمي مثل الدين الإسلامي.
وأشار إلى أنه لا يقول ذلك لأنه ينتمي إلى الدين الإسلامي، موضحاً: اقرؤوا القرآن الكريم وكذلك أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - واهتمامه بالعلم، وكذلك الخلفاء الراشدون؛ فعندما تكون الدعوة إلى التقدم العلمي فإننا ننفذ أوامر وتوجيهات ديننا. وعند النظر إلى وضع المسلمين الآن نجده وضعاً يدعو إلى العجب؛ لأننا لو نظرنا إلى النهضة العلمية الأوروبية فسنجد أنها أخذت كل تقدم علمي وصلت إليه الأمة في الوقت الذي تأخرنا فيه ولن نتقدم في المجال العلمي.
وتحدث ل(الجزيرة) عن إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية قائلاً: لا بد أن تبدأ الجامعة من حيث انتهى إليه التقدم العلمي في أوروبا وأمريكا، مثلما أنهم بدؤوا من حيث انتهينا سابقاً. والحقيقة أن خادم الحرمين الشريفين منذ أن تولى السلطة ولديه تطلعات كبيرة جداً لخدمة الأمة الإسلامية؛ فيشكر عليها، ويفهم من هذه الفكرة أنها ستبدأ من حيث انتهى إليه التقدم الغربي والأوروبي؛ حتى تؤتي ثمرتها المرجوة إن شاء الله.
وبسؤالنا لفضيلة الشيخ عن جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للنهوض بالأمة وسعيه الحثيث لإيجاد وسائل النهوض من تقدم علمي وغيره وتوفير المناخ اللازم لهذه المشاريع الكبرى كمشروع جامعة الملك عبدالله وكيف يرى هذه الجهود؟
قال إنه ليس بعيداً عنها؛ وإنه مشارك فيها؛ وإنه عائد من جنيف يوم الجمعة 2-10-2009م، وقد كان مشاركاً في المؤتمر الذي أقامته الرابطة لتفعيل هذه المبادرة، وهو يعتبر المؤتمر الثالث في موضوع مبادرة خادم الحرمين الشريفين؛ فأنا لست بعيداً عن هذه المبادرات وعن تفعيلها؛ ولذلك عندما تكلمني فإنني قريب من الموضوع.
ولذلك - كما أشرت سابقاً - عندما ننظر إلى خادم الحرمين الشريفين نجده إنساناً متمسكاً بعقيدته بقوة، لكنه يعايش عصره؛ بمعنى أنه يعرف كيف يعيش العالم الآن، ويريد أن يكون ليس فقط في مستوى الدول المتقدمة، بل أكثر من مستوى الدول المتقدمة في هذا العصر؛ فبارك الله فيه وأطال في عمره ووفقه لما يبغي من خدمة الإسلام والأمة الإسلامية؛ فهكذا عرفنا في خادم الحرمين الشريفين الحرص الشديد على التمسك بأهداب الدين مع الحرص على مسايرة العصر والأخذ بأسباب الفلاح والنجاح بشكل لا يتعارض مع الدين.
وحول جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية كميراث علمي هدفه الارتقاء بالأمة الإسلامية واستثمار المبدعين والموهوبين لخدمة الأمة وحجم الجهود الكبرى التي بذلت في هذا الشأن وصنع هذا المنجز العلمي الكبير.. قال عن تقييمه لهذه الجامعة وتأثيرها مستقبلاً على الأمة: أريد أن أقول إنه يجب علينا جميعاً أن نساهم في تلك الفكرة بقدر استطاعتنا، وعندما أرى أن المؤسسات العلمية العالمية تقيم الجامعات في العالم ونجد أن الجامعات العربية والإسلامية ليس لها مكان في هذا التقييم فالإنسان يحزن؛ لذلك أتمنى - إن شاء الله - مع إنشاء هذه الجامعة، أن تضم خيرة علماء المسلمين في العالم من كل التخصصات، وأن تكون هذه الجامعة في صدر جامعات العالم ومقدمتها عندما تُقيَّم.
وعندما قلنا لفضيلته إن هذا العمل العلمي الكبير لم يغفل دور المرأة بل أتاح لها فرصة العمل والعطاء والإبداع والإنتاج وخدمة المجتمع المسلم؛ وسألناه كيف يرى ذلك؟ قال إن الكثير من المسلمين أنفسهم يفهمون مكانة المرأة في الإسلام خطأ؛ فالإسلام نظر إلى المرأة على أنها نصف المجتمع والنصف المنتج؛ النصف الذي يلد الرجال ويربي الرجال ويدفع الرجال إلى القمة؛ فمكانة المرأة في الإسلام مكانة عظيمة؛ فهي الأم والأخت والخالة والعمة.. إلخ؛ لذلك أتمنى لهذه الجامعة أن يكون للمرأة دور كبير فيها؛ حتى تنهض بنصف المجتمع بل بالمجتمع كله إن شاء الله.
وأجاب فضيلة الشيخ عندما سألنا: من وجهة نظر شرعية كيف للمرأة أن تعطي في مجال البحث العلمي والدراسات؟ وكيف تخدم المجتمع في شتى المجالات؟ أجاب عن سؤالنا بالقول: أخي العزيز.. لو نظرت إلى المرأة فيكفي حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء)؛ أي السيدة عائشة. ولو نظرنا إلى السنة النبوية فسنجد أن كثيراً من الأحاديث التي نأخذ منها أحكام ديننا وتعاليم ومبادئ ديننا نجدها من أحاديث السيدة عائشة - رضي الله عنها -؛ فالمرأة لها مكانة علمية كبيرة جداً ويجب أن تأخذ دورها في النهضة العلمية، والجامعة الحديثة إن شاء الله.
وتحدث لـ(الجزيرة) عن الفرق بين مشاركة المرأة في مجال البحث والدراسات وبين الخلوة الشرعية المنهي عنها مع الرجال، بالقول إن معنى الخلوة أن يختلي رجل بامرأة في مكان منفرد ليس معهما أحد، أما اليوم فالبحث العلمي في الجامعات لا توجد فيه خلوة شرعية؛ فالحقيقة أننا نحمل الألفاظ أكثر من معناها وأكثر من طاقتها؛ فأين الخلوة الشرعية في الجامعات حيث التقدم العلمي؟ وهل عندما تجتمع المرأة مع زميلاتها وزملائها على الملأ في الحرم الجامعي وليس هم في غرفة مغلقة أو عندما تحاضر بنين وبنات في الجامعة، فأين الخلوة في هذا؟ يجب أن نفهم أولاً معاني الكلمات ونفهم المقاصد منها؛ لكي نأخذ حكماً شرعياً؛ إذ لا توجد خلوة في مثل هذه الحالة.