يخطر لي أن أحيي هنا الأخ العزيز الشاعر الرهيف الوزير السفير الدكتور عبدالعزيز خوجة، وهو بعد انتقاله من منصة السفارة, ومعترك السياسة, ودبلوماسية الحوار, والأداء، وواجهة الوطن هناك، ينغمس في معمعة الاختلاف، ورواسب التراكم, وجبهات الآراء، وتقلبات المشارب, والصدور, والسطور التي إن اتفقت اختلفت، وإن اختلفت تباينت، وإن تباينت تراشقت؛ فكان منه أن فرش من روحه الشاعرة بساطاً، حلق به عالياً؛ ليحتويها فضاءُ سمعه، ووعيه، ويستوعبها مكمنُ صبره، وصدقه؛ ليسدد ويقارب بين الواقع والمأمول، وبين السالب والواجب، ويفصل بين تراكم غث، وثابت ممكن، وجديد فاعل، وحديث واجب..؛ من أجل وجه الوطن أيضاً؛ انبثاقاً من باطنه..
*** يخطر لي أن أفضي إليه بهواجسي يوم جاء من بيروت ليجلس على مقعد وزارة ذات مسؤوليات متعددة، لم يساورني الشك في سعيه لأن يحملها، لكنني أشفقت عليه من غثها وسمينها، من حروفها وجملها، من قيعانها وأنهارها، مسؤولية هو لها مثل هذا الرجل الدبلوماسي المحنك, وهو لها هذا الشاعر ذو الخيال والحلم، إذن فهو بما له من نفوذ القيادة لمركبتها فإن فيه الأمل لمرساها..,
وكما رأيناه: بادر بالشفافية، وعمل على المواجهة، وجعل يده اليمنى على قواعدها، ويده اليسرى على روافدها، فمزج بين القرار وبين الحوار.. وهذا لعمري أول مؤونة الساعين لنقض المهترئ المتهالك، وإقامة الثابت الفاعل...
ولعلني وأنا أتبع آثار خطواته في ميدان هذه الوزارة منذ توليه مقودها.. أشهد له بالطريقة التي استنها للإصغاء, وتبادل الرأي، والعمل على التغيير الأفضل، والتطلع لاستحداث الأمثل الأفعل .., وإن كان الطريق طويلاً، ليبلغ بساطُه آماداً أعمق، في مخابئ سموات هذه الوزارة، بكل جوانبها وأقسامها، ومهامها وأفرادها, ومؤسساتها ومتعلقاتها.. وأكرر هنا ما قلته له شخصياً: (قيض الله لك بطانة صالحة، إن أُغْفل عنك نبهتك، وإن أحسنت أعانتك، وإن عزمت آزرتك، وإن خُفي عليك أمر كاشفتك، لا وجه آخر لكلمتها، ولا تورية في مقاصدها).. ذلك لأن إرث هذه الوزارة العريقة كبير، ومساربها عميقة..
*** يخطر لي بعد ذلك أن أدعو له بتوفيق من الله يدعم صفاءه ووفاءه وطيبته, ويعضد عزيمته وجهده وأمانيه، ويمده بالخلُّص رأياً، والأتقى عملاً، والأوعى بحاجة هذه المؤسسة الإعلامية الثقافية الكبرى..
*** خطر لي هذا الذي قلت بعد أن قرأت آخر ما كتبه أخي القدير معالي الشاعر الوزير عن طروحات بعض الإعلاميين.
*** ويخطر لي أن أحييه الآن أكثر.