لفت نظري مقالٌ جميلٌ للكاتب السويدي ليون برخو أستاذ اللغة والإعلام في جامعة يونشينك السويدية، نقلته مترجماً جريدة الاقتصادية، تضمَّن حديثاً هادئاً عن مقالات الكاتب الأمريكي (توماس فريدمان) التي تتجنَّى على الإسلام والمسلمين، وتتحدث عن العرب بعدائيةٍ مطلقة، وتحاملٍ يتنافى مع رسالة الكاتب المنصف، والصحيفة المعتدلة الواعية.
|
ليس الكاتب السويدي (ليون) مسلماً، ولا عربياً، ولكنه رجل موضوعي يؤمن بالإنصاف والعدل، ويرى أن الموضوعيَّة في الكتابة هي التي تميز الكُتّاب عن بعضهم، وتحقِّق الهدف الأسمى الذي ترمي إليه الصحافة الحرَّة المنصفة التي تبني ولا تهدم، وتصلح ولا تفسد.
|
ونحن لا نطّلع على جديدٍ حينما نقرأ عن تحامل فريدمان على ديننا وأمتنا وثوابتنا؛ فإنَّ قلمه (المغشوش) لا يستطيع أنْ يسطِّر حرفاً دون أن يكون متحاملاً، مضلِّلا، متجاهلاً للحقيقة، متلذِّذاً بالكذب والتهويل، والبُعد عن الصدق، والجنوح إلى تلبيس الأمور وتدليسها، ولكننا نتوقف عند الكلمة الحرَّة المسؤولة التي تقول للكاذب كذبت، وتكشف زَيْفَه وادعاءَه بوضوح وصراحةٍ يثيران الإعجاب، وهذا ما تضمَّنه مقال (ليون برخو) المشار إليه.
|
من أبرز ما ورد في المقال الحديث المباشر عن مسيرة الكاتب فريدمان السوداوية في دروب التضليل والتهويل، والإساءة المستمرة للإسلام والمسلمين دون رادعٍ من خُلُق أو موضوعية أو قيم إنسانية يتعارف عليها الشرفاء من حملة الأقلام في أنحاء العالم، ويؤكد الكاتب (ليون برخو) أن (توماس فريدمان) يعد كاتباً سيئ الذكر والسُّمعة على مستوى الكتابة الصحفية في العالم، وأنه يحقق معنى المثل الذي يقول: (قبل أن ترى القَذَاةَ في عيني صاحبك، انظر إلى الخشبة في عينيك)، والقذاةُ هي الشيء الصغير الذي لا يكاد يُرى يدخل في عين الإنسان فيؤذيه ويؤلمه.
|
يقول: (إن فريدمان يخلط الحابل بالنابل في خطاب يظهر فيه أن العرب والمسلمين وأنظمتهم وجوامعهم، ومؤسساتهم الخيرية، وأماكن عبادتهم، وحلقات تحفيظ القرآن عندهم ما هي إلا مراتع لا تنبت شيئاً غير الإرهاب، وكأن العنف والإرهاب شيء ميتافيزيقي متأصل في العروبة والإسلام، أما الغرب المسيحي - في نظر فريدمان - فهو بريء من الإرهاب والعنف براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، ويتجرَّأ على المسلمين فيطلق عليهم (الأولاد الأشرار)، وهو يربط بين ذلك وبين عبارات (عبادة الجهاد) و(المواقع الجهادية الشريرة) و(الحرب الشريرة) مازجاً مزجاً مرفوضاً بين هذه المصطلحات وبين دين الإسلام ومن يعتنقه من العرب والمسلمين عامةً، ثم يتهم الأنظمة العربية - خاصة البترولية منها - بأنها تدعم الإرهاب الإسلامي، وتخلق بيئة راعيةً له بما فيها من المساجد ودور العبادة حسب زعمه).
|
وهنا يتوقف الكاتب السويدي (ليون برخو) ليقول: إن الخشبة في عيني فريدمان تجعله في ظلام حالك؛ لأنه لا يرى الشر إلا في الآخرين، ولا يرى الخير إلا في نفسه، إن هذه الخشبة تمنعه من رؤية المآسي التي جرت وتجري في العراق، وفلسطين، وأفغانستان، كما منعته من رؤية الإرهاب الحقيقي في سجون (أبي غريب) و(جوانتانامو) وغيرها من السجون المرعبة التي يرتكب فيها (الأولاد الأخيار) أولاد فريدمان من جنود الاحتلال ودباباتهم وعرباتهم و(هَمَراتهم) أسوأ الجرائم التي يهدرون بها دماء الضعفاء بوحشية لا نظير لها.
|
إن الخشبة المعترضة في عيني (فريدمان) لا تسمح له برؤية الاحتلال الإسرائيلي الهمجي للفلسطينيين الذي يقتل وينهب ويغتصب الأراضي والممتلكات جهاراً نهاراً.
|
أقول: شكراً للكاتب السويدي (ليون برخو) على الإنصاف وقول كلمة الحق في زمنٍ قلَّ فيه من يقول الحق.
|
|
زمن ضاعت الموازين فيه |
فغدا الدرهم الرديء جنيها |
|