الجزيرة - بندر الأيداء - تصوير سعيد الغامدي
توقعت مصادر عاملة في مجال استشارات الموارد البشرية والبحث عن التنفيذيين والقادة أن يشهد سوق العمل في المملكة تحسنا ملحوظا خلال العام المقبل 2010م في استمرار لمشهد النمو الذي حظي به هذا الجانب خلال الأشهر الاخيرة، وعزت تلك المصادر توقعاتها للحراك الايجابي الذي تشهده بعض القطاعات الحيوية الاقتصادية ذات العلاقة المباشرة بالتشييد والبناء والخدمات العامة في المملكة خلال الفترة الراهنة انعكاسا لحجم الميزانيات التاريخية التي سجلتها المملكة خلال العامين المنصرمين.
وطالب سلطان العماش مدير شركة انترسيرش المتخصصة في البحث عن التنفيذيين وتقديم الاستشارات في مجال الموارد البشرية بالتصدي لظاهرة انتشار المكاتب والجهات التي تقدم خدمات البحث عن المديرين وتطوير الموارد البشرية مع افتقادها للعناصر الاساسية المؤهلة لممارسة هذا الدور واصفا مبادئ انتشار تلك المكاتب ب(ثقافة البقالات).
واضاف العماش ان في الوقت الحاضر الكم يغلب الكيف في هذا المجال والشركات الاستشارية التي تعمل باحترافية ومنهجية في هذا المجال لا تتعدى اصابع اليد الواحدة , والمشكلة نابعة من جهتين، الأولى تخص الشركات المتخصصة والجهة الأخرى تخص ثقافة الشركات التي تحتاج إلى تلك الخدمات الاستشارية. وتابع (بالنسبة للشركات الاستشارية عن البحث عن المديرين التنفيذيين فقد غلب عليهم المثل القائل (مع الخيل يا شقراء) فالكثير منهم وللأسف دخل هذا المجال من باب الاحلام وقلة الحيلة والبطالة ولهذا اختلط الحابل بالنابل وأضروا انفسهم وأضروا غيرهم وتلاعبوا بسمعة المهنة وحولوها من الاستشارات إلى ما يشبه عمل مؤسسات الاستقدام وكان يجب أن تكون هناك وقفة حازمة من الاجهزة المختصة لكي نحافظ على جودة الخدمات المقدمة. أما بالنسبة للخطأ الذي ارتكبته الشركات الراغبة في الخدمة فهو أنهم ساهموا في تفشي ظاهرة الكم قبل الكيف من خلال تركيزهم على اقل الاسعار دون النظر إلى لجودة المطلوبة).
جاء ذلك في حديث للخبير في مجال الموارد البشرية سلطان العماش سلط فيه الضوء على تأثير الوضع الراهن لسوق العمل التنفيذي في المملكة وتأثره بالعوامل الاقتصادية العالمية والمحلية فإلى نص الحوار:
* باعتباركم احد المهتمين والخبراء في مجال البحث عن المديرين التنفيذيين وتقديم الاستشارات في مجال الموارد البشرية، بداية هل لكم أن تحدثونا عن نشأة هذا النشاط في المملكة؟
- نشأة نشاط البحث عن المديرين التنفيذيين له تاريخ طويل على المستوى العالمي لسنا بصدده الآن، اما بالنسبة على المستوى المحلي في المملكة العربية السعودية فالتاريخ يعود إلى حوالي الخمسة عشر عاما عندما بدأ بعض المهتمين بتلمس حاجة السوق إلى مراكز وشركات متخصصة محلية تعنى بعملية البحث عن الكوادر القيادية السعودية للشركات العاملة في المملكة سواء من الشركات العائلية أو الشركات متعددة الجنسيات حيث ظهر في ذلك الحين توجه قوي جدا في سوق العمل لإحلال الكوادر السعودية المواطنة في المراكز القيادية بالشركات اما لجهة وعي الشركات في ذلك الحين بأهمية تولي القياديين السعوديين مقاليد القيادة بالشركات لكونهم الاقرب إلى فهم طبيعة السوق المحلي وفرصة وتحدياته، أو لجهة مقابلة الضغوط التي مارستها مؤسسات الدولة (وهي محقة) منذ ذلك الحين مع الشركات لكي تفتح الفرصة للكوادر البشرية المواطنة لقيادة الشركات. كما لا يفوتني التنويه انه قبل تلك السنوات كانت الشركات الكبيرة والبنوك المحلية على وجه الخصوص تستفيد من خدمات الشركات المتخصصة في البحث عن المديرين التنفيذيين ولكن من خارج الحدود وخصوصا من أوروبا وامريكا نظرا لعدم وجود الشركات المتخصصة المدارة بعقول محلية في ذلك الحين.
* كيف تقيمون تواجد الجهات المتخصصة في البحث عن المديرين التنفيذيين والاستشارات في مجال الموارد البشرية؟ وماهو حجم تناسب ذلك مع حجم الطلب في سوق المملكة؟
- إذا أردنا أن نقول الحقيقة ففي الوقت الحاضر الكم يغلب الكيف في هذا المجال وقد أكون متفائلا إن قلت: إن الشركات الاستشارية التي تعمل باحترافية ومنهجية في هذا المجال لا تتعدى أصابع اليد الواحدة. المشكلة هي نابعة من جهتين، جهة تخص الشركات المتخصصة والجهة الأخرى تخص ثقافة الشركات التي تحتاج إلى تلك الخدمات الاستشارية. فبالنسبة للشركات الاستشارية عن البحث عن المديرين التنفيذيين فقد غلب عليهم المثل القائل (مع الخيل يا شقراء) فالكثير منهم وللأسف دخل هذا المجال من باب الأحلام وقلة الحيلة والبطالة ولهذا اختلط الحابل بالنابل وأضروا أنفسهم واضروا غيرهم وتلاعبوا بسمعة المهنة وحولوها من الاستشارات إلى ما يشبه عمل مؤسسات الاستقدام وكان يجب أن تكون هناك وقفة حازمة من الأجهزة المختصة لكي نحافظ على جودة الخدمات المقدمة. أما بالنسبة للخطأ الذي ارتكبته الشركات الراغبة في الخدمة فهو أنهم ساهموا في تفشي ظاهرة الكم قبل الكيف من خلال تركيزهم على أقل الأسعار دون النظر إلى لجودة المطلوبة. اما بالنسبة للتناسب بين العدد وحجم الطلب، فمن ناحية الكم عدد المكاتب يفوق حجم السوق ويزيد عليه بحيث دخلنا إلى ثقافة ما يتعارف عليه في المملكة (ثقافة البقالات).
* استنادا لتجربتكم في المملكة كيف تقيمون تفاعل الجهات ذات العلاقة أفرادا ومؤسسات مع نشاطكم؟
- الحقيقة هناك تفاعل جيد ولكن مهنتنا لا تقبل أن ننتظر أن يحدث التفاعل من الآخرين، فنحن نأخذ المبادرة ونقوم بعمل استشاري منهجي ومنظم لا يقبل تعددية التأويل أو التفسير وبهذا نجبر الآخرين على التفاعل معنا وتقدير عملنا بكل إيجابية وتقدير.
* يلاحظ المراقبون ازدياد حركة النشاط في تنقلات المديرين التنفيذيين داخل القطاعات المختلفة وقد صاحب الأمر الكثير من التطورات مثل ارتفاع الحوافز المقدمة للكفاءات المطلوبة؟ هل تتفقون مع هذا القول؟ وماهي الأسباب برأيكم؟
- التغيير عادة ما يصاحبه الكثير من الإيجابيات في جميع مناحي الحياة تقريبا وتنقل القيادي وتغييره للشركة التي يعمل بها هو ليس خروجا عن هذه القاعدة، ولذلك عادة ما يصاحب تنقلات المديرين زيادة في الرواتب والحوافز ولكنها من وجهة نظري زيادة مبررة اعتبرها تقويما لراتب الكوادر القيادية المنتقلة وليس زيادة لأن القيادي عندما ينتقل إلى شركة أخرى ويزيد معه راتبه فهو لكونه قد قبل بتحديات أكبر ومسئوليات أوسع ولهذا فمن باب أولى أن يواكب ذلك زيادة له في العائد المادي بحجم المسئولية المتزايدة.
* هل هناك إحصائيات تقريبية أو رصد لحركة تنقلات المديرين التنفيذيين بين الجهات بشكل عام؟ وماهي أكثر القطاعات استحواذا على ذلك الحراك؟
- ليس هناك احصائيات دقيقة بالمعنى الحقيقي وهذا عائد لثقافة مجتمع الأعمال لدينا بشكل عام فهناك الكثير من المؤشرات الرئيسية المهمة جدا في الاقتصاد ليست متوافرة لدينا كما في العالم المتقدم فكيف بنا ونحن نطلب مثل هذا الرصد والاحصائيات في مجال أقل أهمية كمجال تنقلات التنفيذيين، اما إن أردت رؤيتي كمتخصص وخبير في هذا المجال scientific guess فاستطيع القول: إن نسبة من يغيرون وظائفهم هي في تصاعد ولكنها لم تتجاوز بعد نسبة 40%، اما أكثر القطاعات استقطابا لهذا الحراك فهي قطاعات البنوك والاستثمار حتى وقت قريب قبل الازمة والقطاعات الصناعية المختلفة والشركات القابضة ذات الاوجه والأنشطة المتعددة.
* كخبير في الموارد البشرية والبحث عن المديرين التنفيذيين، كيف ترى الوضع الاقتصادي بشكل عام وسوق التنفيذيين والعمل بشكل خاص وهل فعلا تجاوزنا الأزمة واثرها؟
- الوضع الاقتصادي للمملكة من وجهة نظري المتواضعة هو وضع اقتصادي متين اكدته العديد من الفعاليات المحلية والدولية وتبرزه الشواهد العديدة وكل هذا ولله الحمد بفضل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله والجهود التي يقوم بها المسؤولون عن الاقتصاد بالمملكة ومن أبرزها - على سبيل المثال لا الحصر - برامج التحفيز التي شملتها الميزانية لهذا العام والتي كانت بجميع المقاييس أكبر ميزانية في تاريخ المملكة مما ساعد على التعامل بفعالية مع الأزمة وتقليل آثارها بشكل كبير.
أما بالنسبة لسوق العمل والتنفيذيين، أتوقع أن يستمر النمو والتحسن في التوظيف بشكل عام وخصوصا توظيف المديرين التنفيذيين كما أعتقد أن قطاع العقار وقطاع البتروكيماويات من القطاعات التي أظهرت نتائج افضل من المتوقع ولهذا سيكون هناك حراك ملموس في هذين القطاعين قبل حلول منتصف العام القادم بمشيئة الله، كما أتوقع أن يأخذ هذا التعافي زخما أكبر إذا ما استمرت أسعار النفط على تماسكها حول الأسعار الحالية. كما أستطيع أن اكشف بأن هناك حراكا إيجابيا في عدد من القطاعات المرتبطة بمشاريع التشييد والبناء كمواد البناء وقطاع الخدمات والشركات المرتبطة به كالكهرباء والماء والبنية التحتية وقطاع النقل وقطاع الاستشارات وقطاع التقنية وخصوصا في المشاريع الحكومية الطموحة.
بشكل عام أتوقع حصول المزيد من التحسن والنمو في حجم الطلب في العام 2010 مدعوما بالعديد من المؤشرات الايجابية التي يحملها السوق.
* شهد سوق العمل في المملكة نموا متسارعا وتوسعا مطردا خلال الفترات الأخيرة من حيث المنشآت والتنظيمات، من خلال رصدكم هل صاحب ذلك توفر في الكفاءات الإدارية والتنفيذية بالشكل الذي يلبي هذا الطلب؟
- الحقيقة وبصورة مباشرة ان النمو المتسارع في حجم المنشآت الجديدة والتوسعات الكبيرة التي حصلت في الشركات القائمة خلال السنوات الخمس السابقة لم يواكبه نمو متناسب للكوادر البشرية القيادية المؤهلة وهذا ما احدث الخلل الكبير بين العرض والطلب والذي عانت منه اغلب الشركات الحالية والجديدة وهذا ما أحدث في السابق الفقاعة التنفيذية التي نبهت عليها في بدايات العام 2007 في احد مقالاتي. مشكلة التخطيط والتنبؤ في مجتمعنا تكاد تكون معدومة وهذ خطأ ساهمت فيه الكثير من الأجهزة الحكومية ذات العلاقة نظرا لفشلها في توقع الطفرة ما أحدث خللا سلبيا في ميزان العرض والطلب.
* على الصعيد الاستشاري ماهي أكثر الجوانب التي يستعان بخبرتكم فيها من قبل الأفراد والمؤسسات؟ وما أسباب ذلك بنظركم؟
- نحن في شركة انترسيرش السعودية نقدم الاستشارات في انشطة مختلفة من أهمها القيام بالبحث عن الكوادر القيادية للشركات وتقييمها ومن ثم ترشيح الكوادر القيادية المناسبة لتلك الشركات تمهيدا لتعيينها في المناصب القيادية ومن خلال هذا العمل الاستشاري نقوم بمساعدة الشركات على فهم متطلباتهم بشكل أكبر وكيفية اداراة توقعاتهم عن سوق القيادات التنفيذية وتقديم الاستشارة في مجال رواتب التنفيذيين وغيرها في هذا المجال، فنحن نعمل كمستشارين بكل ما فيها من مزايا ومسؤوليات وليس كمكتب تو ظيف مهمته تحويل السير الذتية من قاعدة بيانات الشركة إلى العميل. كما نقوم ايضا بتقديم الاستشارات في تطوير القياديين أو ما يعرف بexecutive coaching والذي نقوم من خلاله بتطوير الجوانب الضعيفة في القيادي لنحولها إلى مصاف جوانب القوة لديه فيتعزز دوره القيادي بشركته، كما نقوم ايضا بتطوير قدرات الشباب وتهيئتهم ليكونوا قياديين سواء كانوا من ابناء العوائل التجارية أو من الشباب المهتمين من خلال برنامج استشاري يعرف بتهيئة الفرد قياديا individual executive coaching وكذلك تقديم برامج التدريب القيادية للافراد والشركات.
* كمستشار لملحق التنفيذيين بجريدة الجزيرة والذي يصدر يوم السبت من كل أسبوع، ما هو الهدف من اصدار مثل هذا الملحق وماهو المطلوب من المهتمين لتكون الاستفادة بشكل اكبر واوسع؟
- هناك اهداف كثيرة من إصدارنا للملحق الخاص الاسبوعي والذي يعنى بالتنفيذيين ولكن علي أن أركز على عدد من الاهداف المهمة جدا والتي آمل أن يستفيد منها المهتمون بالحقل التنفيذي بشكل خاص والموارد البشرية بشكل عام، فأحد ابرز هذه الاهداف هو زيادة الوعي لدى المهتمين بعالم التنفيذيين والموارد البشرية وما يحويه من أسرار وآمال وتحديات وايجابيات وسلبيات نهدف منها إلى بث الاهتمام وحث الكثير من الشباب من الطموحين والمهتمين على الاستفادة من تجارب من سبقهم من الناجحين من القياديين ومن الفرص الوظيفية الجذابة التي يوفرها القطاع الخاص ومن الاخبار والدراسات والاحصاءات الحديثة التي تعنى بالتنفيذيين وشؤونهم وشجونهم. عندما نقدم سيرة تنفيذي ناجح في الملحق فإننا لا نسعى لتلميع التنفيذي بل نهدف إلى وضع سيرته الذاتيه كمثال يجب أن يحتذى به من الآخرين من الطموحين وعندما نعرض عددا من الوظائف التنفيذية والرواتب الجذابة التي توفرها تلك الوظائف فإننا نهدف إلى حث الشباب من التنفيذيين ومن اليافعين على ان تكون احلامهم كبيرة وعالية وعندما نقدم موجزا لكتاب من مكتبة التنفيذيين فإننا نسعى للرفع من رصيد المهتمين المعرفي والمهاري وعندما نقدم لقاء مع تنفيذي فهدفنا ألاستفادة من خبرات التنفيذيين ورؤيتهم للحاضر والمستقبل وعندما نعرض الاقوال المأثورة للقياديين نقصد أن يتم استيعابها وتطبيقها من قبل التنفيذيين في حياتهم العملية وفي شركاتهم. إذا كل شيء وضعناه هنا هو ليس لسد الفراغ بل لتحقيق الفائدة للقارئ والمهتم وعليه نأمل أن يساهم هذا الملحق المتواضع بالكثير من الفائدة للقارئ والمهتم فيتحقق بذلك الهدف.
* كلمة أخيرة تودون ذكرها
- أتمنى أن أرى شبابنا وقد تقلدوا المناصب القيادية في جميع شركات القطاع الخاص وهذا لن يأتي إلا بكثير من العمل والمثابرة والجد والاجتهاد من سنوات االتعليم الأولى وحتى الحصول على أفضل الشهادات الجامعية من أرقى وافضل الجامعات المحلية والعالمية. العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله عهد حمل ويحمل الكثير من الرخاء والفرص الكبيرة ومن غير الحكمة ألا يتم استغلاله الاستغلال الأمثل من المواطنين.
* * * * *
الضيف في سطور
* سلطان بن عبدالله العماش
* بكالوريوس في إدارة الأعمال تخصص إدارة وتطوير الموارد البشرية من الولايات المتحدة الأمريكية مع مرتبة الشرف
* ماجستير بإمتياز في إدارة الأعمال من جامعة دنفر بالولايات لمتحدة الأمريكية
* مستشار مرخص في الاستشارات الإدارية والتنظيمية من الجهات المختصة بالمملكة
* مدرب ومحاضر معتمد وممارس في العديد من البرامج كحوكمة الشركات وبرامج الفعالية الشخصية والقيادية وبرامج الموارد البشرية
* عضو مشارك في الجمعية الشرفية الوطنية الأمريكية للمتميزيين في إدارة الأعمال، الولايات المتحدة الأمريكية.