قادني خبر استقالة السيد توحيد عبد الله، الرئيس التنفيذي لشركة (دماس) للمجوهرات، المدرجة في بورصة (ناسداك دبي) لأسباب قيل إنها متعلقة ب (معاملات غير مشروعة) إلى مقالات سابقة نشرتها في العامين 2005 و 2006 حول ضرورة محاسبة المتلاعبين في سوق الأسهم السعودية؛ والمستغلين لمناصبهم في مجالس الإدارات، المؤسسات المالية، أو مناصب أخرى تتيح لهم الحصول على معلومات مؤثرة تمكنهم من تحقيق الأرباح، أو تجاوز الخسائر؛ حماية للسوق والمتداولين.
السيد عبد الله، نفى أن (يكون قد تورط في أية عمليات خارج إطار موافقة مجلس الإدارة ( إلا أن نفيه لم يمنعه من تقديم الاستقالة تحسبا لأي متغيرات قانونية قد تحدث مستقبلا).
العضو المنتدب في شركة (دماس) أكد أن (الشركة وافقت على استقالة توحيد عبد الله من منصبه كرئيس تنفيذي ومدير عام لحين الكشف عن تفاصيل ما فُهم أنه عمليات غير مشروعة قام بها). الأخبار المتناثرة تشير إلى أن التقديرات الأولية للصفقات والعمليات التي يدور الحديث عنها ربما جاوزت 165 مليون دولار.
بعد انهيارات الأسواق الخليجية، ومن ضمنها سوق دبي، واستمرار المخالفات القانونية التي أضرت بتلك الأسواق الناشئة، وبصغار المستثمرين على وجه الخصوص، اتخذت بعض الحكومات قرارات صارمة بحق من تعتقد بمخالفتهم الأنظمة، وتسببهم في خسارة المتداولين.
أوضاع الأسواق الخليجية ازدادت تعقيدا بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية التي كشفت عن عمق المخالفات. إمارة دبي كانت الأكثر تأثرا بتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وكذلك سوقها المالية التي شاركت السوق السعودية المراكز الأولى في قائمة الأسواق العربية الأكثر تأثرا بالأزمة. تداعيات الأزمة العالمية كشفت عن مخالفات بعض التنفيذيين، وبارونات المال في الخليج.
السلطات الرسمية في دبي كانت الأشد تعاملا مع المخالفين لأنظمة السوق المالية، أو أولئك الذين يُعتقد أنهم أثروا على حساب الآخرين. أعلنت النيابة العامة في دبي رسميا أنها عازمة على اتخاذ إجراءات حازمة ضد المتورطين في قضايا فساد، وأنها ستتصدى لكل أنواع الفساد في القطاعين العام والخاص، وأكدت أنها لن تمنح الحصانة لأي مسؤول يستغل منصبه من أجل الإثراء غير القانوني.
قطاعات المال والاقتصاد، بشقيها العام والخاص، ليست منزهة عن الأخطاء والمخالفات، أو شبهة الإثراء غير القانوني ما يجعلها أكثر حاجة إلى إجراءات قانونية صارمة لاجتثاث كل ما له علاقة أو شبهة في الفساد المالي والإداري. لم يعد الكشف عن بيانات رحلة السوق المالية المشؤومة مهما في الوقت الحالي، خاصة أن إدانة المخالفين عادة ما تنتهي بتحويل أرباحهم إلى حساب هيئة السوق بدلا من المتضررين، بل الأهم أخذ العبر من أخطاء الماضي، وأن يؤسس لسيادة القانون، وسطوة النظام، وشمولية الجزاءات، وثقافة الاستقالة والإقالة التي يمكن من خلالها تنمية المحاسبة الداخلية في نفوس المسؤولين.
نحن نتحدث عن سطوة القانون وعدالته التي يجب أن تكون حاضرة في كل مكان وزمان، أما العدالة الإلهية فهي أعم وأشمل وأوثق.
اتخاذ الإجراءات الحازمة ضد المتورطين في قضايا الفساد المالي والإداري، والتصدي لهم في القطاعين الخاص والعام، ومحاسبة المستغلين لمناصبهم الرسمية من أجل الإثراء غير القانوني، هو السبيل الأمثل لتحقيق الكفاءة والإنتاجية والنمو والتطور، والمحافظة على أموال الدولة، وحقوق المواطنين. والله المستعان.
F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM