في كثير يوجد من يتحدث عن الشأن التعليمي، ويسهب في تفاصيله من غير المختصين فيه، وتمثيلا، كان الكتٌّاب قبل أن تنتشر الثقافة المختصة في مجالات علمية كالتربية على وجه التحديد، يكتبون في كل أمر, بدءا ببناء المناهج، وانتهاء ببناء قاعات الدرس وخدماتها الإدارية، والفنية والصحية والمرافق العامة فيها،.. وكانوا حين يتناولون كثافة محتوى الكتاب المدرسي فإنهم يسمونه بالمنهج، حتى بلغوا من الإلمام بتطورات المصطلح ما جعلهم يعرفون أن الكتاب المدرسي ما هو إلا جزء في عملية المناهج وتركيبتها، بل هو الذي يربط التدريس وأعضائه من المتلقين والمنفذين في مدار يقوم على عناصر عديدة لكنها تتلاحم.
فمعرفة المصطلح تقي الضبابية في الحديث وتوضح المقاصد منه, وذلك يجري في كل أمر في حياة الإنسان وما يتلقاه فيها من الخبرات التي اتسعت فشملت كل معلومة تمتزج بما يدرك، ويفهم وينبض, ويؤدي, وفي الأخير يخرجها في سلوكه, فكرا جاء أو ممارسة،.. لكن يبقى للمصطلحات ما يقيدها بمفهومها وتنفيذها.., لذا، فأول من ينبغي أن يؤهل لممارسة الإفضاء فيها هم أهلها وخاصتها،..سواء في محيطها حيث تمارس وتنفذ، ويُعمل على تطبيقها، أو في منابر النقاش، ومقاعد المداولات،.. وهذا ما لا يتحقق على الرغم من تقييد المرحلة لكل مصطلح بمجال إجراءاته، فلا يتحدث العامة في الشأن الطبي لأنهم لا يمارسون المهنة ولا يفقهون في مصطلحاتها, كما المزارع لا يجيد التنقيب في منجم المعادن ولا يحذق غير اللحام صناعة السكين, فهل الطباخة يمكنها أن تمارس مهنة التوليد..؟..
أو الغواص أن يتسلق الجبال..؟ كان عامة الناس حكماء يقولون (أعط الرغيف لخبّازة)...بينما نهج مدرسة محمد -صلى الله عليه وسلم- تعلمنا مخاطبة الناس على قدر عقولهم، فإن أعطي للعقل مهامه الصحيحة فإن ذلك يعني أن (لا تتحدث فيما لا يعنيك)، و(لا تهرف بما لا تعرف).. تلك مناهج لم توضع من فراغ بل محصلة خبرات، متى ما اتبعت خطوطها بوعي، بلغت الغايات مقاصدها ومواقع تأثيرها، وعادت القوافل محملة بمؤونتها.