منهج الخوارج، المبني على فكرهم المنحرف، منهج خطير يهدد أمن البلاد، وطمأنينة العباد، لما يترتب عليه من أعمال سيئة، ولما ينتج عنه من تصرفات شريرة وجرائم بشعة، من أخطرها الخروج على ولاة أمر المسلمين، ومن أشنعها قتل الآمنين، ومن أبشعها الغدر بالمعاهدين، وغير ذلك مما يقوم به كلاب أهل النار، الذين هم شر قتلى تحت أديم السماء بشهادة النبي -صلى الله عليه وسلم- كما وصف أبو أمامة - رضي الله عنه - أسلافهم نقلاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما خرجوا في بلاد الشام فقتلوا وألقوا في بئر هناك، فلما جاء أبو أمامة صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووقف عليهم بكى ثم قال: سبحان الله، ما فعل الشيطان بهذه الأمة، كلاب النار، كلاب النار، كلاب النار، شر قتلى تحت ظل السماء، خير قتلى تحت ظل السماء من قتلوه، قيل: يا أبا أمامة، أشيء تقوله برأيك أم شيء سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال: إني إذاً لجريء، بل سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير مرة ولا مرتين ولا ثلاثا، حتى عد عشرا.
ولا شك أن منهج الخوارج، منهج واضح المعالم، بين الدلالات، لا ينطلي إلا على من انحرف فكره، وساء ظنه، وتعطل عقله، وتحكمت به عواطفه، ولكي نحذر منهج الخوارج بين لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أهم صفاتهم وأبرز سماتهم كما في الحديث الصحيح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (سيخرج قوم في آخر الزمان، أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة) والحديث في صحيح البخاري.
فقد بين -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث بعض صفات الخوارج، فهم أحداث أسنان، سفهاء أحلام، أي صغار سن لا علم ولا فقه عندهم، لم يتربوا على أيدي علماء موثوقين، إنما تتحكم بهم عواطفهم، سفهاء لا قيمة لأهل العلم بينهم، ولذلك صاروا ألعوبة في أيدي أهل الأهواء والمطامع والثارات والزندقة والنفاق، من مثيري الفتن، ودعاة الفرقة.
إن صغر السن مع الجهل وعدم الفقه في الدين وعدم الرجوع للعلماء الموثوقين المشهود لهم بالفضل والورع والتقى، ينتج الغلو والتشدد في الدين والأحكام، وهذا ما وقع به الخوارج قديما وحديثا، فصاروا يكفرون المسلمين، ويخرجون على الأئمة ويقاتلون الأمراء مستحلين لدمائهم.
نعم! قد يحسن الظن بعض الناس بهم، حينما يرى سيما الصلاح في وجوههم، أو يجد أسماء بعضهم في كشوف الحفاظ لكتاب الله، أو يسمع حسن تلاوة بعضهم القرآن أو يرى بعضهم يؤم الناس في الصلاة، وهذا ما أشار إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- محذراً منهم، حيث ذكر أن سيما الصالحين تظهر عليهم، وأن عبادتهم كثيرة فقال -صلى الله عليه وسلم-: (تحقرون صلاتكم عند صلاتهم) فهم أهل عبادة، جباههم فيها أثر السجود، ثيابهم مشمرة، مسهمة وجوههم من السهر، يكثر فيهم الورع من غير فقه، فقههم في الدين قليل، وحصيلتهم من العلم الشرعي ضئيلة جداً، كما قال - صلى الله عليه وسلم-: (يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم) يقيمون حروف القرآن دون حدوده، ويستدلون بآياته استدلالات خاطئة، كما قال ابن عمر رضي الله عنه: انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين.
أخي القارئ الكريم! لا أريد أن أطيل عليك، اعرفهم بما يلي:
غيبة العلماء، ولمز الأمراء، وتصيد الأخطاء، وتمجيد السفهاء، والتجمع بالخفاء، هذه صفاتهم، وتلك أبرز سماتهم لا كثرهم الله.
* حائل