«الجزيرة» - الرياض
رفع المشاركون في ندوة (القرآن الكريم والتقنيات المعاصرة - تقنية المعلومات) الشكر الجزيل لحكومة المملكة العربية السعودية على عنايتها بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، ورعايتها له، وتهيئة أرقى الإمكانات العلمية والتِّقْنية للنهوض بمهامِّه المباركة في خدمة الإسلام والمسلمين.
واشادوا بجهود وِزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في خدمة القرآن الكريم وعلومه، ومن ذلك الإشراف على هذا الصرح المبارك: مجمَّعِ الملكِ فهد لطباعة المصحف الشريف، وتزويده بأرقى الإمكانات التِّقْنية الحديثة للنهوض بأعماله.
جاء ذلك في البيان الختامي والتوصيات التي صدرت اليوم الخميس السادس والعشرين من شهر شوال الجاري 1430هـ في الجلسة الختامية لأعمال الندوة التي حضرها معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد المشرف العام على المجمع الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ.
وأكدت الندوة مرجعية مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في أعمال تِقْنية المعلومات المتصلة بالقرآن الكريم وعلومه؛ لِما توافر له من إمكانات علمية وفنية وتِقْنية، ولما له من مشروعات رائدة ومتميزة في هذا المجال، كما عبرت الندوة عن تقديرها لجهود المجمع في نشر بعض ترجمات معاني القرآن الكريم الصادرة عنه في موقعه، وتوصي بالنشر الإلكتروني لجميع ترجماته تعميماً للفائدة.
وشددت الندوة على عالمية الإسلام ودوامه واستيعابه لكل المخرجات الحضارية النافعة، ومنها التقنيات المعاصرة، وتحث على استثمارها بما يخدم القرآن الكريم وعلومه، كما أوصت بتوظيف التقنية الحديثة لإبراز جوانب الإعجاز العلمي في القرآن بضوابطه المقررة، واستثمار ذلك في الدعوة إلى الإسلام.
وأوصت الندوة - في البيان الختامي الذي تلاه سعادة الأمين العام للمجمع رئيس اللجنة التحضيرية للندوة الأستاذ الدكتور محمد سالم بن شديد العوفي - بأن يقوم مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بتتبع وحصر المسائل الفقهية المتعلقة بأجهزة تقنية المعلومات التي تخدم القرآن الكريم؛ لعرضها على جهات الفتوى المختصة، وذلك لتحرير الأقوال، وبيان الحكم الشرعي الصحيح في هذه المسائل، كما توصي بأن يقوم المجمع بوضعها في موقعه على الشبكة العالمية، وطباعتها.
وطالبت الندوة بالاهتمام بتعليم تلاوة القرآن الكريم عن بُعد وتطويره والعناية به، ووَضْعِ ضوابط له والتعريف به ؛ للإفادة منه في حَلِّ مشكلة الحواجز التي تفصل المتعلم عن موارد العلم، كما أوصت بإقامة دورات فنية للمتخصصين في الإقراء لمعرفة كيفية التعامل مع أجهزة التقنيات الحديثة المَعْنِيّة ببرامج تعلُّم القرآن الكريم وقراءاته وتجويده، وتوظيفها في ميدان تعليم الإقراء.
ودعت الندوة المشتغلين بتعليم قواعد التلاوة، والمعْنيين بالتأليف في علم التجويد إلى أن يُفيدوا من البرامج الإلكترونية الحديثة في صناعة الصور المتحركة والرسومات الخاصة بآلة النطق ومخارج الحروف وغيرها من مباحث التجويد، وترى الندوة أن إنتاج صور دقيقة لآلة النطق يحتاج إلى تضافر جهود عدد من الدارسين المنتمين إلى اختصاصات متعددة.
وأبرزت الندوة أهمية التنسيق بين المواقع الإسلامية، والمراكز الإسلامية التي تنتهج نهج أهل السنة والجماعة؛ لتزويد هذه المواقع بمادة علمية ومضمون سليم، كما أوصت بالتنسيق بين المواقع الإسلامية باللغات العالمية؛ لتجنب التكرار، وتوحيد الجهود، وملء الثغرات التي قد تَرِدُ في برامجها، كما أوصت المتخصصين بإعداد معاجم قرآنية حاسوبية تساعد على صياغة التفسير الموضوعي للقرآن الكريم المستند إلى معرفة صحيحة مستقاة من أوثق التفاسير، وتشتمل هذه المعاجم على تصنيف علمي دقيق للمفردات القرآنية وَفْقَ دلالاتها واشتقاقاتها واستعمالاتها.
وأكدت الندوة أهمية تسخير التقنيات المعاصرة لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة مع القرآن الكريم، وتمكينهم من متابعة الإفادة منه، موصية بالعناية بالتطبيقات التقنية في مجال القرآن الكريم لخدمة الناطقين بغير العربية، وذلك بتصميم برامج عملية تستخدم أمثلة من القرآن الكريم وفق معطيات التقنية الحديثة.
وأوصت الندوة بتصميم نموذج يحتوي على العناصر اللازمة التي تفي بأغراض كل من يريد إنشاء موقع للقرآن الكريم وعلومه على الشبكة العالمية، على أن يتم تطوير هذا النموذج وفق ما يستجد، مطالبة بنشر ثقافة الاعتدال بين فئات الشباب لإعطاء الصورة الحقيقية عن مقاصد القرآن ونشر المعرفة الصحيحة عن الإسلام، وتزويدهم ببرامج حاسوبية وأدوات تقنية تشْغَل أوقاتهم بما ينفعهم.
كما أوصت الندوة بإعداد موسوعة إلكترونية شاملة لعلوم القرآن الكريم تستقي من المصادر الأصيلة الصحيحة، وتكون بمنزلة مرجع سهل الاستخدام، قريب المنال يعتمد على أوثق المصادر العلمية، مطالبة الجهات التربوية المختصة بإنشاء مكانز (بنوك) يودع فيها أسئلة اختبارات موضوعية وتطبيقية تضم أسئلة اختيار من متعدد، وأسئلة الصواب والخطأ، وأنواع التقويم الأخرى، وهذا يساعد مهندسي البرمجيات في تصميم أنظمة اختبارات آلية لسد الفراغ في هذا المجال.
وطالبت الندوة - في آخر توصياتها - بتشجيع التواصل بين المهتمين والمختصين في مجال خدمة القرآن الكريم والتقنيات المعاصرة.
وكانت الجلسة الختامية للندوة - التي نظمها المجمع خلال الأيام الثلاثة الماضية بمشاركة نخبة من الأكاديميين والمفكرين والمتخصصين في القرآن الكريم وعلومه وكذا في التقنيات المعاصرة سواء في داخل المملكة أوفي خارجها - قد استهلت بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم ألقى فضيلة رئيس اللجنة العلمية للندوة الدكتور علي بن محمد فقيهي كلمة أكد فيها أنَّ المجمعَ الذي أُنْشِئَ في طيبةَ الطيبةِ مَهْبِطِ الوَحْيِ المدينةِ المنورةِ التي يَأرِِزُ إليها الإيمانُ كما تأرِِزُ الحيةُ إلى جُحْرِها، قد أُسِّسَ لخدمةِ القرآنِ الكريمِ أعظمِ كتابٍٍ أنزله اللهُ على أفضلِ الأنبياءِ وخاتَمِهم، وإنَّ إنزالَ هذا الكتابِ العظيمِ على عبدهِ ورسولهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم من أجلِّ نِعمِهِ على عبادِه. وقال فضيلته: قال تعالى أنه لن يستطيعَ أحدٌ من البَشَرِ أن يُعارضَه في وقتِ نزولِهِ ولا في مستَقْبَلِ الأيامِ، وأنّ ما وَعَدَ اللهُ بِهِ مِنْ حفظِه لكتابِهِ كما أنزله قد تَحَقَّقَ مُنْذُ أربعةَ عشرَ قرناً فلم يُنْقَصْ منه حرفٌ ولم يُزَدْ فيه حرف وسيَبْقَى كذلك إن شاء الله.
وأكد فضيلته أن هذا المجمعُ عُنِيَ بكتابِ اللهِ من جميعِ الوجوهِ كتابةً وإقراءً وتفسيراً وترجمة لمعانِيهِ وطباعةً وتوزيعاً في مشارقِ الأرضِ ومغارِبِها، بالإضافةِ إلى عنايتِهِ بمصنَّفاتِ علومِ القرآنِ الكريمِ تأليفاً وتحقيقاً وهذا في الحقيقةِ نابعٌ من أن حكومةَ هذه البلادِ قد اتخذت هذا الكتاب الكريمَ دستوراً منذُ تأسيسِها وجعلتْه منهجَ حياةٍ، ولهذا عُنِيَتْ به من جميع الوجوهْ، وفي سلسلةِ أعمالِ المجمعِ للعنايةِ بكتابِ اللهِ هذه الندواتُ العلميةُ الموفقةُ التي تدعمُها هذه الحكومةُ التي تُولي جُلَّ عنايتِها بكتابِ اللهِ وسنةِ رسولِهِ صلى الله عليه وسلم لأن المحافظةَ عليهما محافظةٌ على أصولِ الإسلامِ وتشريعاتِهِ.
وأشار فضيلة الدكتور فقيهي إلى الندوات الأربع السابقة التي عقدها المجمع، مبيناً أن هذه الندوة (ندوةُ القرآنِ الكريمِ والتَّقْنِيَّاتِ المعاصرِةِ تَقْنِيّةِ المعلوماتِ )تأتي في سلسلةِ هذا العِقْدِ المباركِ، حيث تناولت جانباً مهماً وهو استثمارُ الإمكاناتِ التَّقْنِيَّةِ المتاحةِ لخدمةِ كتابِ الله، وتبيَّن لنا من خلالِ المناقشاتِ والمداخلاتِ التي شهدتْها الندوةُ خلالَ الأيامِ الثلاثةِ السالفةِ أهميةُ ما أفرزتْه هذه التَّقْنِيَّةُ وضوابطُها لخدمةِ البحثِ العلميِّ الأصيلِ وتيسيرِ التعاملِ مَعَ كتابِ اللهِ ومقاصدِهِ.
ووجه فضيلة رئيس اللجنة العلمية للندوة الشكرِ الجزيلِ للباحثين الذين أعدُّوا البحوثَ في موضوعِ الندوةِ، وللأساتذةِ الفضلاءِ في الجامعاتِ في المملكة وخارجَها الذين قاموا بتقويمِ هذه البحوثِ وإجازتِها، وللعاملين في مجمع الملكِ فهدٍ لطباعة المصحفِ الشريفِ الذين شاركوا في الإعدادِ لهذه الندوةِ، والذين قاموا بطباعةِ هذه البحوثِ وإخراجِها بهذه الصورةِ اللائقةِ بموضوعِ الندوةِ، فقد كانت اللجنةُ العلميةُ في المجمعِ تعمل بدأبٍٍ متواصلٍ وجهدٍ حثيثٍ، وكلُّ ذلك بتوجيهِ معالي وزيرِ الشؤونِ الإسلاميةِ المشرفِ العامِّ على المجمعِ ومتابعةِ سعادة الأمينِ العامِ للمجمعِ فللجميعِ منا الشكرُ والتقديرُ على ما قاموا به، ولهم من الله الثوابُ إن شاء الله على خدمةِ كتابِ الله الكريمِ. وسأل فضيلته- في نهاية كلمته - الله تعالى أن يجعلَ ذلك في ميزانِ حسناتِ خادمِ الحرمين الشريفينِ الملكِ عبدِاللهِ بْنِ عبدِالعزيزِ، وسموِ وليِ عهدِهِ الأمينِ الأمير سلطانِ بْنِ عبدِالعزيزِ، وسموِ النائبِ الثانِي الأمير نايف بن عبدالعزيز لما قدَّموه ويقدمونه من خدمةٍ لكتابِ اللهِ وللإسلامِ والمسلمين في جميعِ أنحاءِ المعمورةِ.