Al Jazirah NewsPaper Friday  16/10/2009 G Issue 13532
الجمعة 27 شوال 1430   العدد  13532
المرأة ليست جوهرة!
فهد الحوشاني

 

إذا كان هناك من لا يعترف بظلم مجتمعنا للمرأة، فهو يُعبّر عن رأيه الشخصي وينطلق من مفهومه الخاص للظلم والعدل، لا بحسب ما تقوله المحاكم ونسب الطلاق المرتفعة وشكاوى النساء إلى المفتين وللجهات الأمنية وغيرها! العنف الموجه ضد النساء مشكلة..

..اجتماعية قائمة جعلت عدة جهات من ضمنها وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع مؤسسة الملك خالد الخيرية، تطلق فكرة مشروع إنشاء هيئة وطنية لحماية المرأة والطفل من الإيذاء والعنف، تصل خدمات هذا المشروع إلى إيواء من يتضرر من الإيذاء وهاتف مجاني لتلقي البلاغات.. لكن هناك حالات كثيرة بالتأكيد أنها لن تصل إلى المؤسسات الرسمية إما بسبب الخوف من عقاب محتمل من الرجل سواء كان أباً أو زوجاً أو أخاً أو أن المرأة المظلومة قد لا تشعر بأن ما يقع عليها من ظلم يُعتبر ظلماً بسبب الثقافة والبيئة التي ترعرعت فيها!!

في دراسة للدكتور خالد الرديعان من جامعة الملك سعود بعنوان: (العنف الأسري ضد المرأة) أجراها على عينة من النساء في مدينة الرياض صنَّف العنف إلى ثمانية أنماط: بدني، ولفظي، وجنسي، واجتماعي، ونفسي، وصحي، واقتصادي، وإهمال وحرمان، وخلص إلى نتائج مهمة أشارت إلى أن أنماط العنف الشديدة كالبدني والجنسي قليلة الانتشار، بينما ينتشر العنف الاجتماعي واللفظي والاقتصادي بدرجة أكبر.

وبالإضافة إلى عنف الأزواج ضد زوجاتهم فإن غير المتزوجة تعاني عنف الإخوة.. وبيَّنت النتائج أن أسباب العنف كثيرة، ومنها (تشبث المرأة برأيها)، و(كثرة متطلباتها المادية)، و(عدم طاعة الزوج أو الولي)!!

في مجتمعنا لا يزال هناك من يمنع المرأة من التعليم ومن الوظيفة ومن الخروج من المنزل حتى لزيارة أهلها! ولا تزال المرأة تعضل و(تعلق) سنوات طوالاً دون وجه حق، بينما يذهب الرجل حراً طليقاً ليتزوج مثنى وثلاث ورباع.. وهذا حق شرعي، لكن الرجل يسيء استخدامه!

في مجتمعنا يبادر إلى ظلم المرأة بتزويجها وهي طفلة حيث يتم اجتثاث طفولتها بدل أن تُهيأ لها الظروف لتمارس حقها في اللعب لتصبح هي اللعبة التي يلعب بها الكبار! وتُداوى المرأة بالمرأة وتعاقب بضرة جديدة لأن الزوجة في نظر البعض أحد ممتلكات الرجل وليست شريكة حياته وأم أولاده! وفي مجتمعنا الولد الصغير يسلم قيادة البيت أكثر من أخته الكبرى حتى ولو كانت مسؤولة تدير مدرسة أو معلمة! يوكل إليه الأمر فقط لأنه ذكر وهي أنثى! المرأة في مجتمعنا في نظر البعض جوهرة يجب الحفاظ عليها في صناديق مغلقة هي البيوت، وهذا من أكبر الأخطاء لأن المرأة ليست جوهرة والرجل ليس ألماساً! إنهما كائنان بشريان لهما حقوق وعليهما واجبات، ولهما بالتساوي رغبات وتطلعات وآمال وأحلام، كلفهما الله تعالى بعبادته حتى في العلاقة فيما بينهما والعبادة لا تستقيم بمعصية الرجل لله من خلال ظلمه للمرأة بهضم حقوقها وانتهاك إنسانيتها.. بل يفترض أن يترك لكل منهما الحرية الكاملة لممارسة حقوقه المشروعة والقيام بواجباته في ظل تعاليم الدين وليس تعاليم المجتمع وبعض من أفراده الذين لا تزال تعشعش في عقولهم بقية من ثقافة (أم العيال الله يكرمكم) حتى وإن تعلموا في أرقى الجامعات!!



alhoshanei@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد