Al Jazirah NewsPaper Friday  16/10/2009 G Issue 13532
الجمعة 27 شوال 1430   العدد  13532
حديث المحبة
مؤتمر الغش والتقليد.. هل كان بيضة ديك؟
إبراهيم بن سعد الماجد

 

أقامت مصلحة الجمارك العام الماضي مؤتمراً حول الغش التجاري والتقليد في محافظة جدة تحت رعاية الأمير خالد الفيصل -أمير منطقة مكة المكرمة-، وقد لاقى هذا المؤتمر أصداء طيبة، وإن كانت أقل من المأمول، وأرجع ذلك لعدم تواصل مصلحة الجمارك التواصل الإعلامي الاحترافي مع وسائل الإعلام المختلفة، حتى أن من كتبوا حول هذا المؤتمر لم يكن للجمارك معهم تواصل يحقق الهدف، وهذه المشكلة يعاني منها الكثير من الجهات الحكومية؛ وذلك بسبب عدم إعطاء الخبز -كما يقال- لخبازه، وذلك من وجهة نظري خطأ كبير، فالإعلام من أقوى الأسلحة وأكثرها فتكاً إذا لم يكن المتعامل معه ذا خبرة ومعرفة بمكامن القوة والضعف.

هذه المقدمة أتت دون أن تكون هي الهدف الذي أهدف إليه من مقالتي اليوم، فهدفي من هذه المقالة هو سؤال مصلحة الجمارك عن مدى قناعتها بإقامة مثل ذلك المؤتمر، فإن كانت الإجابة بأهميته وأنه حقّق ولو جزءاً مما كان متوقعاً منه، فإنه يحق لنا أن نطالب هذه المؤسسة الناضجة بقيادتها الواعية المدركة لعظم رسالتها بأن يكون هذا المؤتمر منتظماً كل سنة أو على الأقل كل سنتين، نظراً لجسامة هذه القضية -أعني قضية الغش والتقليد-، خاصة في المواد الغذائية والأدوية وقطع الغيار.

تشير تقارير المنظمات المعنية بهذه القضية كما نشر عام 2005م إلى أن حجم التقليد في ذلك العام بلغ مائتي مليون دولار، رقم لا شك كبير وخطير.

يقول رئيس الجمعية الدولية للعلامات التجارية ريتشارد هيث: (إن جريمة التقليد جريمة دولية ومنظمة وعابرة للحدود).

هذا يعني أننا أمام عصابات لا تقل خطورة عن عصابات تهريب المخدرات، بل ربما تكون أخطر بكثير لأنها تدخل في الغذاء والدواء وقطع الغيار، وهذا في غاية الخطورة.

ونائب رئيس لجنة مكافحة القرصنة والتقليد الدولية يشير إلى أن بعض الأشياء المقلدة وخاصة مساحيق الزينة والكريمات ومعجون الأسنان المقلدة تكون سامة، وهذه السموم تنفذ للكبد، كما أن العطورات المقلدة تسبب مشاكل كبيرة للجلد.

معلومات موثقة من جهات معنية بهذه القضية تؤكد عظم الخطر الذي يكتنف مستخدمي هذه المنتجات، وهذا في الغالب لا يدركه المستهلك الذي يبحث دوماً عن السعر المنخفض، وذلك اعتقاداً منه أن الفرق بين الصنفين لا يعدو أن يكون جشع التجار.

إن خطر الغش والتقليد يُعدّ من الأخطار المتعدية خاصة إذا كان هذا المغشوش يندرج ضمن قطع غيار المركبات والأجهزة الكهربائية والإلكترونية وما في حكمهما، فمثل هذا الخطر قد يكون كوارث تتعدى للغير، بل قد تطول مكتسبات الوطن.

أعلم جيداً أن غالبية المنتجات لها شبيه مقلد، ولكن الذي نريد أن نحاربه وبقوة الأصناف التي لها تأثير على صحة وسلامة الإنسان، كالدواء والغذاء وقطع الغيار، أما غير ذلك من الأصناف التي لا تؤثر على سلامة المواطن فلها رب يحميها وهو المصنع لها.

إن مطالبتي مصلحة الجمارك السعودية بإقامة مؤتمرات وندوات وبثّ الوعي بين المواطنين، أهدف منه تبصير المواطن البسيط بالخطر الذي يكتنف استخدامه الأشياء المقلدة، وأيضاً تبصرته بهذه الأنواع وكيف يمكنه معرفتها.

تبذل مصلحة الجمارك جهوداً كبيرة في مكافحة الكثير من الأخطار التي تحدق بأبناء وبنات هذا الوطن، وضبطيات رجال الجمارك المتنوعة بمئات الملايين، وبجهودهم وجهود زملائهم في الأجهزة الأمنية صُدّ عن الوطن الكثير من الآفات المهلكة، ولا يمكن أن ينكر ما يقومون به إلا جاحد ومكابر، لكن الذي نريده من هذا الجهاز الكبير بإمكانياته ورجاله والذي يقف على قمة هرمه شاب عُرف بإخلاصه وحبه للبذل، وتطلعه الدائم للنجاح، وهو معالي الأستاذ صالح الخليوي، نريد منهم حملاتٍ توعوية دائمة، وكذلك ندوات ومؤتمرات يصاحبها إعلام قوي مؤثر، وأن لا تكون توعيتهم كما يُقال بيضة ديك، مرة واحدة وتنتهي، أعرف جيداً مشاركة الجمارك في أغلب المناسبات من خلال أجنحتها التي تصاحب هذه الفعاليات، وهذا لا شك جهد جيد تشكر عليه، ولكن الذي أريده ويريده كل مواطن أن يكون لمصلحة الجمارك تواجد إعلامي توعوي مستمر.

فهل نسمع عن خطط قادمة تبشر بالخير؟




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد