لعب عبدالله عزام دور المروج الأكبر للجهاد الأفغاني ضد السوفييت. استخدم عزام كل الطرق، ولم يوفر الخرافة، في تجنيد الشباب للجهاد في أفغانستان. ومن يقرأ تكتيك استقطاب الشباب في بدايات الجهاد الأفغاني يجد أن للمعجزات والخوارق دورا جوهريا في جذب المجاهدين، وخصوصا العرب، إلى الساحة الأفغانية. ألّف عزام كتاباً يمتلئ بالخزعبلات والخوارق والخرافات سمّاه (عبر وبصائر للجهاد في العصر الحاضر). عندما تقرأ هذا الكتاب تستطيع أن ترصد بدقة مدى تأثير الخرافة، وتغييب العقل، في صناعة قناعات الإنسان المسلم البسيط.
من هذه الخزعبلات التي شاعت أثناء الجهاد في أفغانستان، وروّجها عزام، ما جاء في ص 116: (حدثني محمد شعيب قال: كنا في اللوكر وذهبنا في عملية وبعد أن نفذنا العملية عدنا لنختبئ في بيت أحد الأصدقاء فقرعنا الباب كثيرا فلم يفتح وحاولنا فتحه وعبثا حاولنا فدعونا الله عز وجل ثم قرعنا الباب فانفتح الباب وحده)!.. وجاء في ص 121: (حدثني محمد خالد فاروقي أورغون قال: في أيام داوود خرجت من داري وقت الظهر وليس من عادتي أن أخرج وقت الظهر وبعد خروجي بعشر دقائق حوصر البيت ثم عدت ودخلت من بين الجنود وأخذت الإذن من والدي ثم خرجت ولم يروني). وجاء في ص 129: (حدثنا وحيد الله بغمان قال: هجمت القوة الكافرة على منطقة بغمان وبعد معركة حامية اضطر المجاهدون أن ينسحبوا وكان عدد الشهداء والجرحى كبيرا ولكن بقي القتال مستمرا يوما كاملا بعد انسحاب المجاهدين وعندها قال الشيوعيون للأهالي: هنالك مجاهدون يلبسون البياض وعلى رؤوسهم الأكفان وهو يقاتلون طيلة الليل)!
ولا تبتعد هذه الخرافات كثيراً عن خزعبلات الصوفيين وخرافاتهم. فقد روى صاحب كتاب (جامع كرامات الأولياء) عند حديثه عن (ابن عربي) أحد مشاهير الصوفيين، يقول علي يصف إحدى معجزات الشيخ: (اقتلع رأس الشريف بيده، وصار الشريف ينظر إلى جثة نفسه بلا رأس، ثم بعد ساعة قال الشيخ - ابن عربي- ولله رجال يقول أحدهم بسم الله الرحمن الرحيم هكذا، ورد رأس الشريف إلى جثته، فقال الشريف: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأنك ولي الله)!. وجاء في نفس الكتاب: (شيخنا الشيخ علي العمري، الشاذلي الطرابلسي، أشهر أولياء هذا العصر، وأكثرهم كرامات وخوارق عادات.. ومن كراماته - رضي الله عنه- ما أخبرني به الحاج إبراهيم المذكور قال: دخلت في هذا النهار إلى الحمام مع شيخنا الشيخ علي العمري، ومعنا خادمه محمد الدبوسي الطرابلسي، وهو أخو إحدى زوجات الشيخ، ولم يكن في الحمام غيرنا، قال: فرأيت من الشيخ كرامة من أعجب خوارق العادات وأغربها، وهي أنه أظهر الغضب على خادمه محمد هذا وأراد أن يُؤدبه، فأخذ الشيخ إحليل نفسه أي: (ذَكَرَه) بيديه الاثنتين من تحت إزاره فطال طولاً عجيباً بحيث إنه رفعه على كتفه، وهو زائد عنه، وصار يجلد به خادمه المذكور، والخادم يصرخ من شدة الألم، فعل ذلك مرات ثم تركه، وعاد إحليله إلى ما كان عليه أولاً، ففهمت أن الخادم قد عمل عملاً يستحق التأديب، فأدبه بهذه الصورة العجيبة، ولما حكى لي ذلك الحاج إبراهيم، حكاه بحضور الشيخ، وكان الشيخ واقفاً، فقال لي الشيخ: لا تصدقه وانظر، ثم أخذ بيدي بالجبر عني، ووضعها على موضع إحليله، فلم أحس بشيء مطلقاً، حتى كأنه ليس برجل بالكلية، فرحمه الله ورضي عنه ما أكثر عجائبه وكرماته)!
من يُصدق خزعبلات عزام ورواياته، يجب أن يقبل هذه الخزعبلات أيضاً.
إلى اللقاء.