هل استوطن العقل في مشاعر عنترة وقيس ودانتي وابيلار في اختياراتهم القلبية, أم أن عقولهم اختفت بين عشية وضحاها، كما اختفت جزيرة (اطلنطس) تلك الحضارة الغارقة في المحيط الأطلنطي والتي يقول عن أهلها الشاعر المؤرخ (كراشياس) إن أهل الاطلنطس أضاعوا الحكمة والفضيلة، فعاثوا في الأرض فساداً وغدا الجشع إيمانهم والجبروت عقيدتهم، لذلك عاقبهم الرب باختفاء جزيرتهم، هذه الخرافة ماهي إلا شيء مستوطن داخل العقل البشري، فالإنسان دائما يحتاج إلى مرشد و قانون يتبعه كبوصلة ترشده إلى جهاته الأربع النفسية والعقلية والعاطفية والسلوكية، عندما تسكن الخرافة العقل والروح فهذا معناه انه لا يوجد تفسيرات منطقية لما يحدث تقنع العقل فيلجأ إلى حياكة القصص والخرافات لإسكات مخاوفه، فمفتاح الخرافات هو حشرنا لأنفسنا داخل إطار الكائنات حولنا وتخوفنا منها وعدم إعطاء العقل فرصة لكي يفكر بشكل بنّاء,فكلما أصبحت لدينا معرفة أكثر كلما أدركنا مدى الأشياء حولنا ووجدنا إجابات لأسئلة مغلقة. و مِثلما كان «فيثاغورس» يُنصِت إلى ذَبذبَاتِ الكَون لابد لنا أن ننُصِت لذبذبات كونِنا الداخلي، لنبحث في وجوه عقولنا عن ملامح أفكار ضائعة تتفيأ ظل الحوار في قائظة وحرارة تضاهي حرقة الألم الذي يسكن مآقي الحزن فينا, نتصفح بالتحدي ونمضي في طرقات مظلمة ومخيفة، لكن متعة الاكتشاف لا تضاهيها أي متعة أخرى للإنسان، فلا الظلام يخيفه ولا المجهول يقهره، غير أن ما يميز الإنسان عن غيره من الكائنات أن دمه ملوث بجرثومة البحث العنيدة. و لأن الإنسان لا يشبه الإنسان, والتفكير يجب أن نمارسه بلا إجازة, فتصبح الأفكار كأرجوحة معلقة بين مجرتين متباعدتين، وك جَاذبية أخرى لم يَكتَشِفها نيوتن تحيط بنا كصدفة تأبي التخلي عن لؤلؤتها, فتنتقل بنا الأفكار من طور الغروب الذي يرتق النور إلى شروق يمحي عتمة الجهل.
تقول زينب: اعلم أن داخل زوابع الحياة شيئاً يعصف بنا إذا جنّ ليل السؤال.
Zienab_76@hotmail