أحسبُ: (شوقي ضيف.. وهدارة)
كنتُ قبل هذا في الجزء (السابع والثمانين) من هذا المعجم وفي عدد (الثقافية) الرائدة 287 من يوم 18-6-1430هـ قلت: (وأعلم.. نفع اللهُ بكَ. أن علم اللغة والنحو مثل علم: الحديث كل ذلك إلهامٌ.. إلخ..).
وأهدف من ذلك كله نقاش أ. د. مصطفى جويري هدارة في (الوفد) إذ قال: (واللحيدان عن العقاد في كتابه - نقد آراء ومرويات العلماء والمؤرخين - ليته أشار إلى ما ذكره أ.د. شوقي ضيف من ضرورة تفسير بعض المفردات لرعونة بعض ما ورد في كتاب .. اللحيدان..) وقد سرني جداً أن هدارة مُتابع ومُعقب بروح عالية من الأدب وحسن الخُلق وحُسن تربية سابقة له إبان الطفولة المبكرة فكل يُنفق مما عنده، والكلمة التي طرحها (أ.د. هدارة) هي: أحسب ونحسب ويحسب وحسب، فقد وردت في أكثر من موضع، وشوقي ضيف - رحمه الله - صديق عزيز, وهدارة كذلك أحسبه بجانب حسن الخلق من الملهمين في مجال مسألة: اللغة والنقد وإن كنتُ اليوم لاأرى نقداً إنما ذلك (دراسات للأعمال الأدبية) ليس إلا.
وكلمة (أحسب) وتصرفاتها أُجملُ ذلك فيما يلي, مُرحباً بكل نقد هادف حر كريم, صارفاً النظر عما سوى ذلك, فإلى ذلك الفعل:
1- أحسب: أظن
2- أحسب: أشك، وأحسبه: إخاله
3- أحسب: تقال الأمر (بفتح التاء).
4- أحسب: عدّ (من العدد).
5- أحسب: أدرك
قال سبحانه وتعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}.
ومن متصرفاتها (يحسبون كُل صيحة عليهم..) (عن المنافقين).
وقال جلّ من قائل {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ}.. إلخ.
وحسب: ظن.. ويظن.. وحسب: توقع.. وحسب: انتظر.. ويحسب: يعد.. ويحسب: يخال.. وحسبوا: ظنوا
وتأتي على سبيل التهكم: أتحسب أنني هين، وتأتي على سبيل التهديد :(أتحسب أنني أتركك)، ويتضمن هذا معنى: (الوعيد).
وحسابهم: جزاؤهم، أو جازاهم
وحاسبهم: أدَّبَهم
وحاسبهم: نقدهم: مالهم
وحاسبهم: توعدهم
فكل مُتصرفٍ لها يدل على معنى مُغاير حسب اللفظ.
واللغة والنحو صِنوانان مُتفقان، فإن كثيراً من مفردات الألفاظ لا يتبين معناها إلا بعد الإعراب, ولهذا خصص بعض أئمة التفسير للقرآن الكريم كُتباً خاصة بالإعراب مع شرح للآيات كالإمام ابن العربي والشوكاني والشنقيطي وسواهم، والنحو بابه مهُم جداً, ولهذا لا ينفع النحو حال: العجلة, أو مجرد النقل, أو التعالم, أو مُحاولة: دعوى التجديد. ولهذا لم يرضَ (الخليل بن أحمد الفراهيدي) ولا سيبويه ولا الأخفش ولا المبرد ولا ابن جني, لم يرضوا لأنفسهم النحو واللغة إلا بعد بُعدٍ مكين جدّ مكين في: القرآن والحديث الصحيح.
بل هُناك من رحل وجاس خلال الديار ليلقى كبار علماء الحديث على يد: حماد بن زيد, وحماد بن سلمة, وقتادة بن دعامة, ويحيى بن سعيد القطان, والكرماني, والعيني, وقبل ذلك الشافعي (محمد بن إدريس), والأصمعي وسواهم خلق وفير خلال متجرم القرون الطوال.
وأحسب أن كثيراً من القراء الأعزاء يُدركون معنى هذا لكني أذكره هنا من باب الذكرى والتنبيه.