Al Jazirah NewsPaper Tuesday  13/10/2009 G Issue 13529
الثلاثاء 24 شوال 1430   العدد  13529
بصريح العبارة
قناتنا الرياضية.. يا سمو الأمير..!!
عبدالملك المالكي

 

قلت غير مرة أن الخبر الذي أثلج الصدور وأبهج الأنفس بين ركام الأخبار السيئة التي لاحقت رياضتنا وتحديداً بعد خروج الأخضر بكل فئاته السنية من بطولات تترى هنا وهناك، أن الخبر الذي َزف لوسطنا الإعلامي الرياضي بتولي سمو وكيل وزارة الإعلام الإشراف المباشر على (قناتنا) الرياضية، كان بمثابة البلسم بل والعيدية التي أتت تماماً في وقتها لكون ولاة الأمر -حفظهم الله- دأبوا على التقديم للوطن كل ما من شأنه الرقي بالمستوى المنشود قبل المأمول في كل القطاعات الحكومية.. وهنا أشير بعد إجلاء الأقواس وتحريرها عن كلمة قناتنا الرياضية لاعتبارات لا تخفى على الجميع يأتي في مقدمتها لكون القناة قناة رياضة الوطن بأكمله دون شك.

** إن المتابع البسيط يلحظ الفارق الكبير بين قناتنا الرياضية السعودية والقنوات المماثلة لها في النشاط والمختلفة دونما شك من حيث كونها قطاعاً (خاصاً)، أقول يرى ويلحظ ذلك المتابع البون الشاسع في القدرات قبل الإمكانات وهو ذات البون الذي نلمس أثره عادة بين القطاعين العام والخاص في جل نتاج العمل لأي مقارنة تذهب أفضليتها للقطاع الخاص حتماً.. ولكن إيجاد منطقة (مشتركة) توائم بين سمات القنوات الحكومية وحسنات القنوات الخاصة بعمل يقوم على قاعدة (حكومية - تجارية) صرفة، يعد أمراً ليس جديداً، أو اكتشافاً فريداً، فالقنوات المتخصصة رياضياً في الخليج العربي كالجزيرة التي أخذت في جذب المشاهد والشارع الرياضي بأسره تقوم على ذات المفهوم (دعم حكومي قوي + هيكلة تنظيمية تخضع- للرقابة الحكومية يقابلها تطبيق معايير حوكمة تجارية + نشاط تلفزيوني تجاري صرف)..!!

** إن أهمية تبلور فكرة تغيير (جلد) القناة لا يعني المساس مطلقاً بطابعها (الحكومي) وكما أسلفت ستجد قناتنا العزيزة طريقاً (يبساً) ما يلبث أن (يُعبد) مستقبلاً بطرق التصحيح نسلكه لنؤطر لقناة (جاذبة) للمشاهدة وليست (طاردة) لذات الغرض كما هو حالها الآن.. قناة رياضية شبابية متخصصة قائمة على معايير غاية في الدقة, لا مكان للاجتهاد في عملها على الإطلاق..!!

** الأمر الذي متى أوجدنا (قاعدته) فإننا سنمضي في الطريق السليم الذي يخرجنا حتماً من خطر بين (مطرقة) الحصريات من فئة دراكولا وحصريات (مصاصي الدماء) التي أكلت الأخضر واليابس من جانب، وبين (سندان) الاتجاه الإجباري بل القهري لمتابعة قنوات (فش الخلق) من فئة (المتردية والنطيحة) من جانب آخر، والتي تركز على البرامج (الفتنة) الرياضية والشبابية بصناعة خليجية ولبنانية وببضاعة بكل أسف (سعودية) مفادها (هذه بضاعتكم ردت إليكم)..!! قنوات في حقيقة توجهها لا تخدم الصالح العام، بل تمضي كيفما وجهتها بوصلة مصالحها.. والتي تجنيها بإثارة الفتن تارة، وبإغراء السذج تارة أخرى، للخروج عن المألوف عبر برامج موجهة (جداً) كما تفعل قناة خط (الفتنة) وقناة المجاهر بالرذيلة..!!

** البداية المثالية لتطوير القناة الرياضية تأتي بالاعتراف الكامل بحقيقة أن عامل الجذب الجماهيري رياضياً وشبابياً لا تخدمه وضعية قناتنا الرياضية الحالية مطلقاً, وهي تفتقد يوماً بعد آخر (هويتها) الرياضية والشبابية، لكونها تسبح حقيقة لا تجاوزا في بحر (لُجي) لا يمكن لها الدخول في معتركه دون سلاح (دعم) لا سلاح مقاومة، ناهيك عن مجابهتها (العشوائية) وبحلول فردية لأمواج (الفضائيات المتخصصة) العاتية، إزاء (تكبيل) عوامل النجاح في ظل تزايد المنافسة التي تبقى قناتنا العزيزة خارج دائرتها بوضعها الراهن.. ولعمري لم يأتِ الخبر المفرح بإشراف سمو مساعد وزير الإعلام على هذه القناة إلا لإيمان القيادة الرشيدة -حفظها الله- الشديد بحاجتها الملحة إلى الدعم والفعلية للتطوير!!

** الأمر الذي يفتح باب (الأمل) بل ويبقى مشرعاً لكون (التطوير) الذي نريد وننشده حتماً لا يرتبط أبداً بديكور أو تغيير خلفيات الفوتو شوب، ولا يقف مطلقاً عند إلغاء برامج (الحشو) التي تزخر بها القناة التي تبعث على الملل في كل الأحوال, تماماً مثلما أن ذلكم التطوير لا يرتبط على الإطلاق بتغيير الشريط الاختباري واستبداله بشات يخرج علينا مثلا ب(الشق والبعج) ولا بتطوير مفرد للمونتاج أو حتى باعتماد موقع إلكتروني (لايف) أو (حي يرزق) يربط المشاهد بالحدث الإلكتروني (الآني) كما يحدث في كبريات القنوات المتخصصة..!!

** أقول ليس هذه الأمور هي من ستأتي بالتطوير على الإطلاق بل إن جملة ما سأورده فيما تبقى لي من مساحة يضاهي - برأيي - بل ويقدم قناة رياضية تخضع لمعايير (التنافسية) في الجذب الرياضي و(الشبابي) ومن ثم (الأسبقية) قبل الأولوية في الحضور ولفت الأنظار, لنضمن تغييراً فعلياً يطور ويستبدل مناخ القناة من الحار الجاف (الطارد) للمتابعة إلى نقيض (معتدل) يجعلنا نباهي بزهو قناتنا الرياضية (الشبابية) بعد التطوير..!!

** أول تلك العوامل وأهمها -برأيي- هو تطبيق الموازنة في الخروج بمشروع (حكومي - استثماري) يعتمد على خطتين قصيرة وبعيدة الأمد، قصيرة تعتمد على دراسات (جدوى) من بيوت خبرة تجعل من الممكن إيجاد (مناخ استثماري) للقناة أمرا بتجاوز مراحل (الروتين الحكومي) وتحويله تدريجياً إلى عمل (رقابي) يستثمر تحت مظلته رجال أعمال يتلهفون لهكذا فرص إعلامية حقيقية.

** ثم يأتي دور (الهيكلة) التي تحكمها أسس ومعايير الجودة الشاملة التي أضحت علماً يُدرّس بأرقى الجامعات وفناً يخرج لنا منتجاً لا (يحابي) أشخاصاً على مصلحة العمل ويضع كلاً في موقعه الصحيح دون تضارب في الأدوار أو ازدواجية تعطل (روح) العمل إن لم تقتله.. أن الهيكلة أو ما يعرف بorganization chart بالمفهوم العلمي الحديث للاستثمار في القطاع الحكومي تأتي لمنع التكدس ووضع الموظف المناسب في المكان المناسب وتحرر العمل من (الروتين) وتكشف مكامن الخلل أينما وجدت، وبالتالي يسهل التعامل معها والقضاء عليها وهو المطلب الملح جداً في جهاز حساس وواجهة حضارية كالإعلام.

** إن تلك المعايير ليست ضرباً من الخيال بل هي أساس تتعامل معه كبريات المؤسسات ذات الخبرة المعتمدة لدراسة الجدوى في القطاع الإعلامي مثل (مورجان ستانلي) العالمية التي تعتمد عليها مثلاً مجموعة أم ني سي وغيرها من مجموعات العمل الإعلامي الناجحة في تطوير وتشكيل تحالفات مع شبكات عالمية عالية الجودة تضمن الاحترافية في العمل وتخرجه من دائرة الخمول وشح الموارد المالية والبشرية إلى صنع فرص استثمارية حقيقية تدعم الكوادر البشرية وتأهلها للعمل بأعلى معايير للجودة في مجال الإعلام الفضائي المتخصص بمهنية عالية.

** أتذكرُ في هذا الشأن محاور ندوة إعلامية حول مقومات نجاح القنوات الفضائية وأسباب تعثرها، عقدت بمركز سعود البابطين الخيري للتراث والثقافة بحي الصحافة بالرياض أوائل عام 2008م، وبحضور مجموعة من مديري ومالكي القنوات الفضائية وبمشاركة نخبة من المتخصصين في صناعة الإعلام المرئي، محاور لا يمكن سردها في هذه المساحة إلا أن لها من الأهمية البالغة لمراجعة أوراق العمل المقدمة بها والنتائج الكبيرة التي حفلت بها تلك الندوة، ففيها الشيء الكثير مما نحن بصدد العمل عليه في تطوير قناتنا الرياضية لتغدو بحق وحقيقة قناة الرياضة والشباب في وطن قيمة مقدراته الإعلامية الرياضية من الدوري فقط تفوق المليار ريال خراج قناتنا الرياضية منها صفر ولن أقول الفتات !!

ضربة حرة..!!

وفي الصمت ستر للغيّ ... وإنما صحيفة لب المرء أن يتكلما




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد